غيمة

في قلب «غيمة» سرٌّ كبير، إنها سعيدة به كثيرًا، فهو كنزها الصغير تخبئه بحب، وتحمله معها حيث ذهبت. أحبت «غيمةُ» أن تتشارك به مع غيرها، هكذا تصبح أسعد، اتجهت فورًا نحو المحيط ففاجأتها أعاصيره العاتية وأمواجه العالية، اضطربت، وتراجعت، ثم رحلت.
اتجهت «غيمةُ» صوب الجبل فاصطدمت برياحه العاصفة، وقممه الشاهقة، ووديانه الساحقة، «كلا ليس هذا مكانًا مناسبًا لسري»، عادت «غيمةُ» أدراجها حزينة.
ثم تناهى إليها صوت من بعيد، تبعته فرأت بجوار تلك التلة أُناسًا، دبَّ الحماس في «غيمة» وأسرعت إليهم، لتبوح لهم بسرها، وحين اقتربت منهم راعها ما رأته في وجوههم من ملامح حانقة، وقلوب حاقدة، ومشاعر خانقة، «يا للخيبة!»
ارتقت «غيمة» إلى الأعلى مجددًا، وقد أعياها التعب، فاستسلمت للنسائم تحملها حيث شاءت.
وكان من «غيمة» التفاتة صغيرة، فرأت هناك في الأسفل بحيرة رائعة الجمال، شديدة الصفاء، في أعالي الجبال، اقتربت منها «غيمة» تتأمل جمالها ورقتها، وشفافية مياهها، فضحكت، فتناثر الفرح منها مطرًا، أحدثت كل قطرة منه حلقات متناغمةً على وجه البحيرة الرائقة، فاضطرب سطحها، وارتعدت مياهها مستقبلة سرَّ «غيمة» الماطر.
حزنت «غيمة» لفقد سرها الصغير، لكن «شمس» أشرقت، وما هي إلا لحظات حتى أدركت «غيمة» أنها امتلأت مجددًا بسرّ صغيرٍ جديد من قلب البحيرة الكبير.