الصولجان

يا إلهي! ما أجمله من شعور. أن تقف ملكًا بين حاشيتك ممسكًا بالصولجان المذهّب حيث يتسرّب شعور العظمة حتى آخر خليّة منك، ثمّ تشرع بنثر الأوامر في كافة الاتجاهات. 
إحساسٌ يحلّ ضيفًا على كياني كل ليلة قبل أن يغيب وراء انغلاق ستارة العرض حين يعود الممثلون إلى وجوههم وجلودهم الأصلية.
أعود أنا أيضًا إلى غرفتي الحقيرة. تسند رأسي وسادةٌ رثة بعد أن كان يقبع في تاجٍ مرصّع قبل ساعةٍ لا أكثر. يميل جسدي على سريرٍ هرم بعد أن التحم بالعرش الوثير طيلة فترة العرض. يميل جسدي حرفيًا نظرًا لفقدان السرير إحدى أرجله الأربع. ربما كان هذا الميلان سببًا في حوادث انزلاق الأحلام وانكسارها قبل مطلع الفجر. 
أخبرني المخرج أنها ليلة العرض الأخير من المسرحية. استقبل الخبر بروحٍ رياضية. أوليست الحياة كلها مسرحياتٍ متداخلة؟ ما الفارق إذًا إن توقّفَت واحدة؟ لا شكّ أنها ستستبدل بأخرى في اليوم الذي يليه وإن لم تكن على خشبةٍ أمام مقاعد. 
من قال إن مسارح الحياة تقتصر على صالات العرض؟ 
يثني المخرج على مهنيّتي وتفانيّ في العمل ثمّ يقرّر منحي تذكار نهاية الخدمة:
- يمكنك مع نهاية العرض اقتناء ما شئت من زيّ الملك.
أخيرًا أرقد على الفراش بهناءٍ تام. لن يكون في الغد جمهورٌ وصالة ونصوص للحفظ. للمرة الأولى منذ زمن أجهل ما يحيكه المستقبل لي بعد أن انتهى عملي. لكن ما أعلمه تمامًا أن أحلامي ستكون على ما يرام ابتداءً من هذا المساء بعد أن حلّ صولجان الملك بثباتٍ مكان رجل السرير المكسورة.