«حلوى البرقوق»

ها قد حضرت مرة أُخرى حفل ختام الفصل الدراسي دون فستان أَو مشبك شعر ملوّن.
رتّبتنا المعلمة بثلاثة صفوُف، ضمّ كل واحد منهم سبع تلميذات حسب أطْوالنا، حيث بالغت بتعديلنا مرارا كي نبدو كقطع بولينغ متساوٍية مستعدّة لالتقاط كرة كاميراتها المهترئة تلك. 
اخْتُتم الصبّاح بتوزيع نتائجِنا وتلك الصورة كذكرى لسنة كاملة. بحثت جاهدة حتى لمحت وجهيَ الصغير المطل منها، حيث وضعتني المعلمة بأوسط صف كي تُخفي قميصي وسروالي العادييّن، فظهر بالكاد وجهيَ الشاحب هناَك.
بطريقي للبيت، لم أشغل نفسي بتاتا بالتفكير بهذه الصباحية المحرجة، كل ما أَخذ الحيز الأَكبر من اهتمامي هو حماسي لتلك الأمسية مع أسرتي، حيث أقضي عادة فترة الظهر وأمِي بإعداد حلوى البرقوق المفضلة لديّ لنحظى بعدها بعصرية لطيفة يكون ضيف شرفها شاي أُمي وحلواها المميزة تلك.
لا أذْكر بأي سنة دراسية بدأ تقليِدنا هذا، ولكنه كان دوما جائزتي الكبرى.
لم أنتبه إلاّ وقد وجدت نفسي أمام بيتنا، ولكِن انتباهي تحفز حين لمحت أبي يحاول تثبيت أخي عمر فوق دراجة.
دراجة! من أين حصلوا عليها؟
هرولت باتجاههم فربتت أمي على رأسي بمجرد وصولي ليسترسلوا بحديثهم وكأني كنت هناك إلى جانبهم منذ مدة. 
«علَيك تثبيت قدمك اليمنى أولا، أمسك بالمقود جيدا، لا! ثبت يديك معا، نعم هكذا، هيّا انطلق قليلا، لا تخف، أنا هنا».
خاطب أبي عمر وهو منحن يسند ظهره.   
«اشتريتم لعمر دراجة؟»
سألت امي.
«نَعم حصل عليها أبوك صباحًا من العم صالح لقد كانت لابنه الأكبر» 
«لماذا؟» 
«لنسعد عمر! لقد نجح بالفصل السادس وسيلتحق أخيرا بالمرحلة الإعدادية السنة المقبلة»
راقبت عمر وأبي وهما يبتعدان رويدا رويدا؛
التفتّ لأمي التي غمر بريقٌ عينيها وهي تراقب عمر من بعيد وقد بدأ يعتاد أخيرا على دراجته وترك التشبث بقميص أبي. 
«ولكنٍي يا أمي حصلت على المركز الأول!»
«أعلم يا صغيرتي لطالما حصلت على المركز الأول».
«لكني لم احصل على أي شيء!»
«بلى أنت الأولى بفصلك وهذه هدية كبيرة أما عمر فقد رسب مرتين على التوالي علينا تشجيعه ألا تظنين ذلك!»
رمت جملتها تلك وتوجهت لداخل المنزل تاركة جسدي بالوسط، بين الحقل والبيت، 
بين أمي وأبي، 
بالكاد غادر صوتي حلقي لينطق
«ولكنّي أود أيضا التجول بدراجة!»
«لا أَسمعك يا ليلى، هيّا هلمّي لنسرع بتحضير الحلوى»
بالمساء، ونحن نجلس حول الطاولة بنهاية اليوم ولأول مرة بعد أن تذوقت حلوى البرقوق كان طعمها مراً.