«تقدير»

ما كانت سترويه الأم
بدأتُ التخطيط لهذه الرحلة منذ الأسبوع الفائت، كنت أُريد أن تنضم إلينا فاطمة، لذلك تواصلت مع أُمها لاستئذانها. 
كنت على يقين أن سميرة ستسعد إذا ما علمت أنني دعوت صديقتها المفضلة للذهاب معنا إلى مدينة الألعاب، ولكنني حين أبلغتها بالمفاجأة، كانت ردةُ فعلها باردة بشكل مستفز، أنا متأكدة من أنّه لو عرضت مثل هذه المفاجأة على طفلة أخرى لكانت ردة فعلها مختلفة تمامًا، ولكن ابنتي دائمًا ما تحاول أن تحبطني بردود أفعالها تلك، أنا متأكدة من أنها تفعل ذلك بصورة متعمّدة. 
على كل حال، حان يوم الذهاب فاتصلَت بي أُم فاطمة، لإبلاغي أنّ ابنتها لن تستطيع الحضور، فقد قرّرت الأم معاقبتها بسبب تدنّي درجاتها في المدرسة، رجوتها أن تلغي العقاب هذه المرة، ولكن دون جدوى. 
أبلغت سميرة بالخبر، ولكن عوضًا عن الردود الباردة المعتادة قال بعصبية: «لماذا تحاولين دائمًا أن تغيظيني، لن أذهب دونها؟» أُغيظك! أنا التي أُخطّط لإسعادك، حتى أنني لم أُعلّق على التدنّي الضئيل لدرجاتك، طبعًا لم أقل لها هذا الكلام، ولكنني عوضًا عن ذلك أشحت وجهي عنها باستياء دون أن أنطق، ثم قلت في نفسي، «حقًا أنت عديمة التقدير!».

ما كانت سترويه الابنة
قَبل يوم واحد فقط من اليوم الذي يفترض أن نذهب فيه إلى الرحلة الخائبة تلك، أبلغتني أمي بالمفاجأة.
لا أمانع إن لم تكن قد خططت لهذه المفاجأة، ولكن لماذا تبلغني بذلك أمام فتيات المدرسة بأكملها؟ لا أتخيّل كميّة الإحراج الذي جعلتني أشعر به. 
نعم، إني أحب الذهاب إلى مدينة الألعاب، ولكن ليست تلك المخصّصة للأطفال، عرفت من ضحكات الفتيات من حولي أنهنّ فهمن أنّ أمي كانت تريد أن تأخذني إلى مدينة ألعاب مخصّصة للأطفال، وهذا غير صحيح إطلاقًا، كانت ردة فعلي عليها باردة، أعلم أنّ مثل هذه الردود تغيظها، ومن أجل ذلك فعلتها. 
قبلَ الذهاب بدقائق قليلة أبلغتني أمي أنّ فاطمة لا تستطيع المجيء، أنا متأكدة تمامًا من أنّ أمي هي من أقنعت أم فاطمة بذلك، انتقامًا منّي لردي البارد عليها، لكنّي هذه المرة لم أتمالك نفسي ورددت عليها ردًا قاسيًا، إلا أنها لم تتأثر إطلاقًا. 
خلال الفترة الدراسية الأخيرة، ازدادت درجاتي في كل المواد ما عدا مادة الرياضيات فقد انخفضت انخفاضًا كبيرًا، وذلك لأن أُمي كانت قد أصرت على حضوري للاختبار، وكنت مصابة بالبرد حينها، بطبيعة الحال انخفض معدلي العام قليلًا ولكن هذا لا يهمّ، لا أُصدق أنّها لم تأخذني إلى مدينة الألعاب، حقًا إنها عديمة التقدير!