«هذيان صاروخ»

في محاولة لصنع أجنحة بيولوجية للصواريخ، حيث لا تحتاج إلى موَجِّه ومدفع لإطلاقها لتسبب دمارًا، حيث تكون للأجنحة المعرفة المسبقة بالموقع الذي ستهبط فيه ثم تنفصل الأجنحة عن الصاروخ لينفجر. في البداية، نجحوا في جعل الصواريخ تحمل أجنحة بيولوجية وتحلق بها وتنفصل عنها مثل ذيل السِحليّة عندما تقترب من الموقع المراد تدميره، ويحدث صوت الانفجار الرهيب «بوووم!» ولا يمكن للمستمع سماع صوت الآه.
على شاطئ النهر وبمسافة حميمة منه، الذي كان كمرآة مرتجة تعكس السماء ومداخن حمراء لمصنع طوب وأشجار تحتلها البلشونات البيضاء كلوحة زيتية، عكس النهر كائنًا معدنيًا له جناحان يطير في السماء. وكان انعكاسه في الماء وظله على الأرض يشبه طائرًا مخلوقًا جديدًا.
إذًا، الجالس على شاطئ النهر، لم يستطع أن يمنع نفسه من التطلع إلى السماء والصاروخ الطائر بجناحين مرفرفين عملاقين... ياللعجب صاروخ بجناحين!
عندما اختفى الصاروخ، كان قد سقط في منطقة لم يشعر فيها الشخص الجالس على النهر بتأثير الانفجار نظرًا لبعد مداه، لكن الماء شعر بذلك وازداد ارتجاجه ثم هدأ، والبلشونات شعرت بذلك ففزعت من الأشجار ناعقة بزعر: سيبقى شرفنا محفوظًا حتى يتعلم أحدنا لغة مالك الحزين.
بدأت الأجنحة تكتسب وعيًا ورفضت أن تكون مثل ذيل السحلية وأن تنفصل عن الصاروخ، فبدأت تحلق في السماء، حاملة ثقل الجسم المعدني الثقيل للصاروخ. تحلق حول نفسها كتائهة، ثم عندما لا تستطيع المقاومة تنفجر في السماء فوق الخلاء الذي قصدته حتى لا يتأذى أحد من أشلاء المعدن، قرر المصنعون العودة إلى الموجه والمدفع البدائيين، وإغلاق مشروع الأجنحة الصاروخية.
عاد الصاروخ يشق الهواء، المعتاد على الجلوس على النهر، رأى النهر يرتج والبلشونات تطير لحظة مرور الصاروخ الذي لم يتسن له أن يراه. بينما رأى جرح الهواء الذي سببه الصاروخ، هز الجالس رأسه بغطرسة وابتسم ابتسامة فيلسوف لأنه فهم لماذا يصنعون صواريخ ذات أجنحة. قال في نفسه: «الصواريخ ذات الأجنحة تعرف كيف تتعامل مع الهواء، لم تكن تجرحه وتشقه مثل الصواريخ المندفعة، وأن محاولة صنع صواريخ ذات أجنحة كانت إنسانية للغاية لأنها كانت لا تشق الهواء أو تجرحه».