رحلت ورأيت.. فرحٌ في مدينة الرسوم المتحركة

رحلت ورأيت.. فرحٌ في مدينة الرسوم المتحركة

بعْد مشاهدتنا لفيلم عن مغامرات الشاب الصحفيّ (تان تان) وكلبه الأبيض الصغير (ميلو) وصديقهما القبطان (هادوك)، خرجتُ أنا وفرح نبحثُ في مكتبتنا للقصص المصورة عن هذه المغامرات التي قرأناها، قبل أن تتحول إلى فيلم.

أمضينا وقتا ممتعا نسْتعيدُ فيه القصص الضاحكة والمطاردات المثيرة لأبطالنا المرسومين، ثم كانت سعادتي كبيرة حين جاءتْني دعوةٌ للسفر إلى مدينة يعيشُ فيها (تان تان) وأصدقاؤُهُ.

أخبرتُ فرح بالخبر السّار، واستعددْنا للسّفر، إلى مدينة أصدقاء (تان تان)، إنهم لا يسكنون بيوت المدينة، ولكنهم موجودون على جدرانها.

كانت وجهتنا مدينة بروكسل عاصمة مملكة بلجيكا، إحدى دول قارة أوربا. بدأت الرحلة في المركز البلجيكي للفن الهزلي، إنهم يسمون الرسوم المتحركة بالفن الهزلي. المركز عبارة عن متحف ومعرض ومتجر.

هناك تعرّفنا على تاريخ الرسُوم المتحركة. والتقطنا صوراً لنا في أرجاء المكان. لم يكُنْ (تان تان) وحده، بل وجدْنا أيضا أفراد عائلة (سنفور)، وكل قبيلة (أستريكس)! الجميع لم يكونوا في المتحف فقط، بل هم موجودون في مشاهد ضاحكة على جدران البيوت والفنادق والمتاجر.

كانت فرح كلما اكتشفتْ جدارًا مرسومًا صاحتْ:

«انظري يا أمي، هذا (لاكي لوك) يقبضُ على لصوص البنك»، أو «شاهدي (المفتش) ينادي على الضابط الشاب (ريك هوشيه)».

سألتْ فرحٌ المرشد الذي كان يرافقنا عن سرّ الرُسوم العملاقة على جدران المدينة، فأجابها:

«بدأت فكرة رسم جدران المدينة بهذه المشاهد قبل أكثر من 21 سنة. ففي عام 1991م بدأ المسئولون يبحثون عن فكرة لجذب الأطفال لزيارة بروكسل، واختار المهندسون والفنانون 40 جداراً، ورسموا عليها المشاهد الشهيرة وخاصة أعمال الفنان البلجيكي هيرجيه مبتكر شخصية (تان تان) التي رأيناها، وفي كل عام يضيفون مشهدا أو مشهدين».

اشترت فرحٌ دليلا مطبوعا يوضّحُ كلّ صورة ومكانها وعنوانها، وأطلقت على الدليل اسم: «خريطة الجدران الضاحكة»!

توجّهنا بعد ذلك بالقطار إلى لوفان، لزيارة متحف الفنان هيرجيه، الذي افتتح منذ ثلاث سنوات، على بعد 30 كيلومتراً من مدينة بروكسل. طول السكك الحديدية البلجيكية 3437 كيلومترا.

إن بلجيكا هي بلدُ المتاحف، وهي لا تتركز فقط في بروكسل، بل تنتشر في المملكة التي تبلغ مساحتها 30528 كيلومتراً مربعاً، ويسكنها نحو 10 ملايين و900 ألف نسمة، يتحدثون باللغات الهولندية والفرنسية والألمانية. هناك متحف جدرانه من الزجاج مخصص للموسيقى به 1500 آلة موسيقية نادرة.

من أجمل المتاحف التي زرناها متحف (توون) المخصص لدمى مسرح العرائس، وبه أكثر من 1000 دمية، وشاهدنا فنانا يحرك الدمية كأنها تتكلم، ليحكي لنا مشهدًا من مسرحية «هاملت» التي ألّفها الكاتب الإنجليزي ويليام شكسبير الذي عاش في القرن السادس عشر الميلادي.

لكن بروكسل لم تقدم لنا حكايات قديمة فقط، بل تعرفنا إلى المستقبل حين زرنا (اتوميوم)، وهو بناء يشبه تكوين جزيء الحديد، بعد تكبيره 165,000,000,000 مرة!! لهذا يبلغ قُطْر كرات جزيء الحديد في (اتوميوم) 18 مترا وترتبط معًا بممرات وسلالم ارتفاعها أكثر من مائة متر، وداخلها تناولنا طعام الغداء. ثم اختتمنا زيارتنا لبروكسل بزيارة عالم المدن المصغرة، وهو حديقة بها 350 مبنى من 80 مدينة عالمية تم بناؤها مصغرة بنسبة واحد إلى خمس وعشرين.

ونحن نستعد للعودة، كانت فرح تجمع الكتب والهدايا التذكارية التي اشترتها. سألتها عن شعورها، فقالت:

«إن بروكسل مدينة لكل أطفال العالم. أنا أتمنى أن تكون هناك مدينة عربية ترسم أبطال مجلة العربي الصغير، وباقي أبطال شخصيات الرسوم العربية المصورة التي أحببناها».

 



إعداد: مروة إسماعيل