اَلنِّـمْـسُ.. اْللاَّعِـبُ الْماهِـرُ!

اَلنِّـمْـسُ.. اْللاَّعِـبُ الْماهِـرُ!

رسم: عبدالله درقاوي

- كُنَا في نادي الْحَيِّ نَلْعَبُ كُرَةَ السّلَّةِ، فَنَتَقاذَفُها مِنْ يَدٍ إلى يَدٍ في سُرورٍ كَبيرٍ. لَكِنَّنا لا نَعْرِفُ كَيْفَ كانَ صَديقُنا عُمَرُ تَأْتيهِ الْكُرَةُ بِسُهولَةٍ، فَيُراوِغُ هذا وذاكَ بِحَرَكاتٍ خَفيفَةٍ، ثُمَّ يُسَجِّلُ الْهَدَفَ تِلْوَ الْهَدَفِ، حَتَّى أنْهَيْنا مُباراتَنا بِحَصيلَةٍ ثَقيلَةٍ مِنَ الأَهْدافِ!

- وعِنْدَما انْصَرَفْنا خارِجينَ، قالَ لَهُ المُدَرِّبُ بِفَخْرٍ: رَأْسٌ وأَيُّ رَأْسٍ، أَيُّها النِّمْسُ!

- تَعَجَّبْنا مِنْ هذا الْوَصْفِ الَّذي أطْلَقَهُ الْمُدَرِّبُ على صَديقِنا عُمَرَ، فَتَقَدَّمْنا مِنْهُ، وسَأَلْناهُ مُتَعَجِّبينَ: لِماذا تَصِفُ صَديقَنا بِالنِّمْسِ، كُلَّما سَجَّلَ أهْدافًا؟!.. ومَنْ يَكونُ هذا النِّمْسُ؟!..بَطَلًا كَبيرًا في كُرَةِ السَّلَّةِ؟!

- اِنْفَجَرَ ضاحِكًا: لا لا، لا يَعْرِفُ النِّمْسُ اللَّعِبَ بَتاتًا!..إنَّهُ بَطَلٌ عالَمِيٌّ في صَيْدِ الطُّيورِ والْفِئْرانِ والأَفاعي، وفي الْقَضاءِ على الْحَشَراتِ الْمُؤْذِيَّةِ، وعلى بَيْضِ التَّماسيحِ، كَيْلا تَتَكاثَرَ فَتُصْبِحَ خَطَرًا على الْبيئَةِ.

- وكَيْفَ يَقْضي عَلَيْها؟!

- يَمْلِكُ النِّمْسُ حاسَّةَ شَمٍّ قَوِيَّةً، تَدُلُّهُ على فَريسَتِهِ الْمُخْتَبِئَةِ في الْشُّقَّةِ، أوِ الثُّقْبَةِ، أوِ الْحُفْرَةِ، أوْْ بَيْنَ الْحَشائِشِ..إذْ يَشُمُّ رائِحَتَها الَّتي يَحْمِلُها الْهَواءُ إلى أنْفِهِ مِنْ مَسافَةٍ طَويلَةٍ..!

- فَكَّرْنا قَليلًا، ثُمَّ تَساءَلْنا في ذُهولٍ: عَمَّ تُحَدِّثُنا؟!

- عَنِ النِّمْسِ، الْحَيَوانِ الَّذي في حَجْمِ الْقِطِّ، الصَّغيرِ الرَّأْسِ والأَنْفِ والأُذُنَيْنِ، الْقَصيرِ الْقَوائِمِ، الطَّويلِ الذّنَبِ. ذي الْفِراءِ النَّاعِمِ، والْجِلْدِ السَّميكِ، الذي يَصِلُ وَزْنُهُ إلى تِسْعَةَ كيلوجراماتٍ. هَلْ كُنْتُمْ تَظُنّونَني أُحَدِّثُكُمْ عَنْ بَطَلٍ إنْسانٍ؟!..لا لا، لا تَذْهَبُ عُقولُكُمْ بَعيدًا!

- ولَكُمْ أنْ تَعْلَموا أنَّ عُمُرُ النِّمْسِ يَمْتَدُّ إلى اثْنَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وتِلِدُ أُنْثاهُ ما بَيْنَ ثَلاثَةٍ وأرْبَعَةِ أوْلادٍ، يُدَرِّبُهُمْ والِداهُمْ مُنْذُ الصِّغَرِ على الصَّيْدِ وحِمايَةِ أنْفُسِهِمْ مِنَ الْحَيَواناتِ الْمُفْتَرِسَةِ.

- قاطَعْنا مُدَرِّبَنا بِصَوْتٍ عالٍ: وأنْتَ بِمَنزلة والِدِنا، تُدَرِّبُنا على الْحَرَكاتِ الرِّياضِيَّةِ، لِنَكْسِبَ أجْسامًا وعُقولًا سَليمَةً، تَحْمينا مِنَ الأَمْراضِ والأَخْطارِ، حَتَّى نَصيرَ مِثْلَ النِّمْسِ، نُفَكِّرُ كَيْفَ نَلْعَبُ بِأدَبٍ وذَكاءٍ. فَشُكْرًا لَكَ، وشُكْرًا لِصَديقِنا الَّذي حَقَّقَ لَنا فَوْزًا في هَذِهِ الْمُباراةِ..!

 



قصة: العربي بنجلون