في صباحِ أحدِ الأيّام تردّدت امرأةٌ في شراءِ الخوخِ بسببِ ثمنهِ
المرتفعِ، ثم اختارتْ عشرَ خوخاتٍ بحيثُ يحصلُ كلّ فردٍ من عائلتها على حبّتين.
عادتْ إلى المنزلِ وغسلتْ ثمارَ الخوخِ ووضعتها في صحنٍ قرب النافذةٍ وأخبرتْ
عائلتَها أنّها ستقدّم الخوخَ إليهم بعد تناولِ الغداءِ.
لفت الخوخُ انتباهَ الابنِ الأصغرِ «فانيا» الذي يبلغ من العمرِ ست
سنوات، ولم يكنْ قد تذوّقه من قبلٍ. اقتربَ من الصَّحْنِ وأخذَ واحدةً وتشمّمها
وتأمّلها بإعجابٍ واشتهى أكلها، ولكنّه يعرفُ جيّدًا قوانينَ البيتِ. لقد قالتْ
أمّه إنهم سيتناولونه بعد الغداءِ وهذا سيحصل. ترك ثمرةَ الخوخِ وخرجَ من المطبخِ.
مضَتْ دقائقٌ قليلةٌ وعاد فانيا إلى المصبخِ وأَخذَ يمرّ من أمامِ صحنِ الخوخِ
جيئةً وذهابًا حتى خلا المطبخُ من أفرادِ عائلتهِ في إحدى اللحظاتِ، فأسرعَ إلى
صَحْنِ الخوخِ وتناولَ واحدةً وأكلها بسرعةٍ.
عندما حانَ وقتُ الغداء انتبهت الأمُّ إلى أن هناك خوخةً ناقصةً من
الصَّحْنِ فأخبرت زوجها بذلك. انتظر الأبُّ حتّى اجتمعَ أبناؤه الثلاثةِ إلى مائدةِ
الطعامِ وسألهم: يا أولادي، هل تناولَ أحدٌ منكم خوخةً؟
أجابوا معًا: كلا.
شعرَ فانيا بالخجلِ لأنه كذَب واحمرّ خدّاه. نظر والده إليهِ ثمّ قال
لأولادِه: ليسَ جميلاً أن يأكلَ أحدكم خوخةً وحدهِ ولكنّ المسألة ليستْ هكذا. داخل
كلّ حبّة خوخٍ نواةٌ، ومن لا يعرف كيفَ يأكلُ الخوخَ قد يبتلعُ النواةَ ويموتُ بعد
يومٍ واحدٍ. هذا الأمرُ يخيفني. تغيّر لونُ فانيا وقالَ بسرعةٍ:
لا.. لقد رميتُ النواةَ من النافذةِ. نظرَ الجميعُ إليه وضحكوا، بينما
خبّأ فانيا وجهَه بيديهِ وانفجرَ بالبكاءِ.