جلسَ مروان يلعبُ ببعضِ علبِ الكرتونِ الفارغة.
تمنّى لو كانتْ عنده طائرة تطيرُ فعلاً أو حتى تسيرُ على الأرض.ليسَ
ضروريًا أن تكون طائرةً، تكفي سيارة أو حتّى مسدسَ ماء، لعبة، أية لعبة حقيقية غير
هذه العُلب الكرتونِ الفارغة المملّة.
ليسَ من المعقولِ أن يطلبَ من أبيه شراءَ لعبة، فهو يدركُ ظروفه
الصعبة. وليسَ من المناسب أن يذهبَ كلّ يومٍ إلى صديقه هارونَ ليلعبَ معه
بلعبهِ.
خرج مروانُ من البيتِ، ووقف عند أوّل الشارع. كان لايزال يفكر: كيفَ
يحصلُ على لعبةٍ جميلةٍ.
من بعيد، رآها مروان.. كانت دميةً رائعةً مُلقاة بجوارِ الرصيف.
أسرعَ مروان وأمسك بالعروسةِ، ونفضَ عنها التراب.
قبلَ أن ينصرفَ ويرجعَ إلى البيت، سمع صوت بكاء.
التفت، فوجد بنتًا صغيرةً تستندُ على ذراع أمّها وتبكي. كانت البنتُ
جميلةً، وإحدى رجليها عاجزةً.
سمعَ الأمَّ تقول لابنتها: لا تحزني، سأشتري لك دميةً أخرى أجملَ
منها.
خبّأ مروانُ الدميةَ وراءَ ظهرهِ، واقتربَ من البنت، وسألها:
- دميتُكِ ضاعتْ؟
هزَّت البنتُ رأسها.
سأل مروان: «وهل تُحبّين اللُعب؟».
توقفتِ البنتُ عن البكاءِ، وهزّت رأسَها ثانية.
أظهرَ مروانُ الدميةَ، وأعطاها للبنت، ففرحتْ واحتضنتها.
عند رجوعِهِ إلى البيتِ، قابلَ مروانُ صاحبَه هارون.
قال هارونَ: ألن تَلْعَبَ معي اليومَ يا مروان؟
أجابَ مروان: لا، لكن تعالَ لأحكي لك حكايةً لطيفةً عن دميةٍ
ضائعةٍ.