أصدقاء من ورق

أصدقاء من ورق

أعز مكان في الدنى سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب

أبو الطيب المتنبي

تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار
للرحالة العربي: ابن بطوطة

رسم: فاروق الجندي

هل أنت مستعد يا صديقي للقيام برحلة مدهشة لسواحل البحرين تغوص فيها في أعماق البحار تصطاد اللؤلؤ من المحار..؟

و أنت صديقتي، هل حلمت يومًا بجولة بين ثلوج سيبيريا تقودين فيها عربة تزلج تقودها الكلاب..؟

من دون جواز سفر، أو حقيبة، أو تذكرة طائرة، تستطيع يا صديقي القيام بهذه المغامرة والرحلة التي قام بها أشهر سائح في التاريخ وكان جواز سفره هو صديق اليوم الذي رافقه في رحلات لم يكن السفر سهلًا فيها، بل كان رحلة مليئة بالمخاطر وسط الصحارى الموحشة، والبحار العاصفة.

فى القرن الرابع عشر الميلادي، كان مهد هذه الرحلات التي قام بها أمير الرحالة المسلمين كما وصفته جامعة كامبريدج البريطانية، إنه أبو عبد الله محمد بن اللواتي الطنجي الذي يشتهر باسم.. ابن بطوطة.

وُلد إبن بطوطة بمدينة طنجة بالمغرب عام 703 هجرية - 1304 ميلادية، وتوفي عام 770 هجرية - 1378 ميلادية.

وبالرغم من رحيله منذ أكثر من ألف عام فإن ذكراه مازالت نابضة بالحياة والفضل يرجع لصديق اليوم الذي يحكي لنا رحلاته وذكرياته، صديق اليوم هو كتاب (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) الذي يروي لنا قصة صاحبه الرحالة العربي ابن بطوطة، فيقول عنه خرج من بلدته طنجة للقيام بفريضة الحج، وبقدر إيمانه العميق بالله، بقدر شغفه بالعلم والمعرفة واكتشاف المجهول، فبعد أدائه فريضة الحج، بدأ ابن بطوطة أطول رحلة قام بها رحالة في العصور الوسطى قطع فيها 175 ألف ميل أي ثلاثة أضعاف ما قطعه الرحالة الإيطالي (ماركو بولو) تنقل بين المحيطين الهادي والأطلسي في إفريقيا وآسيا وأطراف أوربا، زار خلالها 44 بلدًا واستغرقت رحلته 29 عامًا، عاش خلالها بين الناس يرحل مع القوافل، ويتجول في الأسواق يرصد العادات والتقاليد ويرسم الأزياء ويتذوق أنواع الطعام في كل البلاد... لذلك فصديق اليوم هو موسوعة في علم الجغرافيا والتاريخ وعلم الاجتماع.

تنقل ابن بطوطة من المحيط الأطلسي غربًا إلى بحر الصين شرقًا ولأن عينه كانت كعدسة الكاميرا تسجل وتلتقط ما تراه، احتفظ بتفاصيل رحلته وأملى مشاهداته على كاتب بتكليف من السلطان أبي عنان حاكم المغرب ليخرج للنور صديق اليوم (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) والذي كان شاهدًا على اكتشاف بعض المناطق الإفريقية جنوب غرب الصحراء مثل (مالي) التي رسم ملامحها الجغرافية والبشرية، ومن صحراء إفريقيا يأخذنا صديق اليوم لثلوج سيبيريا، أو أرض الظلمات كما كانت تسمى قديمًا والتي كان ابن بطوطة أول من اكتشفها ومنحها شهادة ميلادها.

وبالرغم من أن ابن بطوطة وماركو بولو قاما برحلتيهما في أزمان متقاربة، وأملى كل منهما مشاهداته على كاتب محترف، فإن ابن بطوطة بشهادة المؤرخين فاق الرحالة الإيطالى في دقة وصفه، ورشاقة أسلوبه ونظرته العميقة فكلاهما زار الصين إلا ان ابن بطوطة رسم لنا لوحة للصين دقيقة التفاصيل خاصة مقاطعة سيشوان، صاحبة أول عملة نقدية في التاريخ التي وصفها بدقة بالغة.

صديق اليوم ترجمت صفحاته عدة مرات بعدة لغات وصدرت في أربعة مجلدات، ما أحوجنا يا صديقي لروح ابن بطوطة التي نقلها إلينا صديق اليوم كتاب (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) روح تنبض بالحماس ورغبته في المخاطرة والاكتشاف جعلته بلا منازع أعظم رحالة في التاريخ!

 



قرأته لكم: سماح أبو بكر عزت