بيوت صغيرة

قصة قصيرة رسوم: حلمي التوني

كل يوم تخرج (شيماء) من المدرسة فتسير في نفس الطريق المؤدي إلى البيت, لكن (شيماء) لا تمل الطريق. هي تستمتع بمشاهدة المحال والحديقة والتماثيل الرخامية, والنافورة وعلى حوافها أسود صغيرة بيضاء تخرج من أفواهها الماء. تجلس شيماء على حافة النافورة, فيداعب وجهها رذاذ الماء, وتظل بعض الوقت على حافة النافورة ثم تعود إلى البيت.

هذا النهار دق جرس الخروج وحملت (شيماء) حقيبة كتبها وغادرت مع التلاميذ والتلميذات المدرسة. كانت شيماء قد قررت أن تذهب إلى البيت من طريق آخر وهي تقول لنفسها:
(علني أرى أشياء أخرى جميلة).

سارت شيماء من ناحية الحديقة الكبيرة. وفي الطريق لاحت من بعيد مكتبة الطفل التي تبدو وسط حديقة واسعة, ورغبت (شيماء) في نزهة قصيرة قبل العودة إلى البيت. فوالدها ووالدتها يتأخران في العودة إلى البيت, وهي تحمل معها مفتاحا حتى لا تضطر لانتظارهما عند الجيرا

وضعت شيماء حقيبة كتبها على النجيل الأخضر وجلست إلى جوار حوض كبير مليء بالأزهار الحمراء والصفراء والبنفسجية وراحت تتأمل حركة الأزهار مع الهواء العليل, وحركة الفراشات فوق الأزهار

وفي لحظة نظرت (شيماء) فرأت الأشجار العالية في نهاية الحديقة تعانق السماء فهمست إلى نفسها: جمال الطبيعة نعمة وهبها لنا الخالق

فكرت (شيماء) أنها لابد أن تركز بصرها على هذا المنظر البديع, لتحفظه في مخيلتها, وحين تعود إلى البيت تأتي بكراسة الرسم والفرشاة والألوان لترسمه.

حفظت شيماء ألوان الأشجار ونجيل الحديقة وشكل السماء وحركة الأزهار الحمراء والصفراء والبنفسجية.

نهضت شيماء عن النجيل وأخذت حقيبة الكتب المدرسية وسارت نحو البيت. كان البيت قريبا جدا من الحديقة لكنها حين وصلت لم تجد المفتاح.

بحثت (شيماء) عن المفتاح في جيوب مريلة المدرسة ولم تجده, وفتحت حقيبة المدرسة ولم تجده, وتحركت مسرعة لتبحث عنه في الطريق إلى الحديقة, لكنها أيضا لم تجد المفتاح.

فكرت (شيماء) أن المفتاح ربما سقط منها في الحديقة عند حوض الأزهار, فذهبت إلى هناك وراحت تبحث على النجيل الأخضر وإلى جوار الأزهار وتحت الأشجار الصغيرة والكبيرة ولم تجد شيئا.

تعبت (شيماء) من البحث, فجلست لترتاح قليلا تحت إحدى الشجرات وكانت تبدو متعبة وتحن نفسها للذهاب إلى البيت.

رأت (شيماء) الفراشة تطير لتحط على زهرة حمراء, ورأت العصفورة الصغيرة تطير وتحلق حتى تحط في عشها فوق غصن شجرة, ورأت الحمام يطير ليحط في عشه القريب من عش اليمام, ورأت الجنايني يدخل بيته الصغير في نهاية الحديقة, ويغلق بابه جيدا, حتى كلب الجيران يدخل بيته الخشبي ويتمدد وينام.

شعرت (شيماء) أنها لابد وأن تنهض لتبحث من جديد عن مفتاح بيتها.

 

 


 

نعمات البحيري