الإسلام حضارة

 

رسوم: أسامة بعلبكي

بيوت الكرم وتكافل المسلمين

في البيوت العربية توجد حجرة واسعة لاستقبال الضيوف, نسميها حجرة الصالون. وهذه الغرفة تكون ـ غالبًا ـ معدة ومنسقة ومفروشة بسجاجيد نظيفة, لاستقبال أي ضيف, يأتي في الشتاء أو في الصيف.

المسلمون الأوائل كانت لديهم حجرة صالون, يسمونها دار الضيافة, وكانت معروفة منذ عهد النبي, صلى الله عليه وسلم, وكانت تعد لاستقبال الناس الوافدين من خارج المدينة, ومن أهمها دار عبد الرحمن بن عوف الكبرى, وسميت دار الضيفان أو دار الأضياف, ونزلت بها وفود كثيرة, كانت تأتي للتشاور مع المسلمين, أو للتفاوض ومنع الحروب.

توجد دار جميلة أخرى اسمها دار رملة بنت الحارث الأنصارية, جاءت فيها وفود غسان وبني ثعلبة وبني حنيفة وعشرات من الوفود الأخرى.

وفي شهر رمضان الكريم كانت تقام موائد الرحمن في دور الضيافة, وكانت تمتلئ بكل أنواع الطعام الشهية, كان العمال يطبخون فيها اللحم الضأن والخبز الساخن, وكان يعطى كل واحد من الموجودين اللحم وبعض الخبز, ويقول ابن الأثير ـ وهو مؤرخ عربي شهير: كان يفطر كل ليلة خلق لا يحصون كثرة.

مع مرور الوقت انتشرت دور الضيافة في معظم المدن الإسلامية, وكانت توضح مدى المحبة والتكافل الذي يسود المجتمع المسلم, فكانت الحكومة والأغنياء يصرفون قدر استطاعتهم على هذه الدور, ليسدوا حاجة الفقراء من الطعام, كما بينت الآيات القرآنية فضل إطعام الطعام, لقول الله عز وجل: إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا .

كان الناس الفقراء لا يستطيعون شراء مساكن خاصة لهم, ودور ضيافة يستقبلون فيها الضيوف; فأنشأ المعماري المسلم ما يسمى (بالرَّبْع), وهو عبارة عن عدة منازل شيدت في بناء واحد, وكان ذلك لتوفير أعمال بناء عدة منازل يجاور بعضها بعضا. فكان المسلمون يستغنون عن المفاخرة, ويضطرون للسكن في الأرباع.

كانت الأرباع تحتوي أحياناً على ثلاثمائة وستين بيتاً صغيراً, ورغم ذلك تملؤها الأزهار عطراً وعبيراً.. كان لكل منزل فناء كبير تتوسطه الزروع والنباتات, وكانت منازل الربع تحتوي على العناصر الجمالية نفسها, التي تتحلى بها المنازل العادية, ولكن من دون الإكثار من الزخرفة وإظهار الثراء.

 

 

 


 


هيثم صبري