هاري بوتر.. الساحر الصغير


هاري بوتر.. الساحر الصغير

مجموعة الروايات الأكثر مبيعًا في العالم على مر التاريخ, أغنى كاتبة, وأغنى سيدة في إنجلترا, دنيا ساحرة مذهلة, وأحداث متلاحقة, إنها حمى تجتاح العالم تسمى: (هاري بوتر).

لاقت الشخصية الخيالية (هاري بوتر) التي رسمتها كلمات المُدرّسة السابقة, والكاتبة الشهيرة حاليا (ج.ك.رولينج), نجاحا ساحقا من خلال ست روايات صدرت إلى الآن. إذ بيعت الرواية في أكثر من مائتي دولة في العالم, وترجمت إلى أكثر من ستين لغة, وتحولت إلى سلسلة أفلام سينمائية آخرها الجزء الرابع: (هاري بوتر وكأس النار). وأمست الكاتبة أغنى سيدة في إنجلترا, ومن أغنى السيدات في العالم, إذ تقدر ثروتها بما يقارب نصف مليار جنيه إسترليني, وبالرغم من الهجوم الذي تعرضت له الشخصية الأساسية في الروايات من جانب النقاد والتربويين, إلا أنه لا يمكن إنكار السحر الذي تتمتع به الشخصية, التي تعيش في عالم ساحر مليء بالشخصيات الطريفة والمدهشة, وليس أدل على نجاحها من أرقام المبيعات المذهلة, التي بلغت في الجزء السادس من الرواية (هاري بوتر والأمير الهجين) أكثر من 10 ملايين نسخة خلال 24 ساعة, في دولتين فقط هما الولايات المتحدة وبريطانيا, علمًا بأن الرواية بدأ بيعها في 15 دولة منها البرازيل والفلبين وفرنسا.

وفي إطار من خفة ظل كل الشخصيات - حتى الجادة منها - وصداقة وإخاء جميل يربط بين هاري وأصحابه, تطورت الرواية من قصة للأطفال في الجزء الأول منها, إلى عمل أدبي يتهافت عليه الشباب والكبار, حتى ان دور النشر الكبرى أصدرت الروايات في طبعتين, إحداهما للأطفال والأخرى للكبار, ولا فارق بينهما سوى الغلاف, حتى لا يخجل الكبار من قراءتها في مترو الأنفاق وهم في طريقهم إلى العمل! وتطور عالم (هاري بوتر), لتزيد جرعات الرعب والعنف فيه لتصل إلى ذروتها في الجزء السادس, مع معالجة الكاتبة لموضوعات مثل التفرقة العنصرية, وتقبل الصغار لموت أقاربهم وأصحابهم, بل والمساواة بين الرجل والمرأة, لكن طبعًا بطريقة غير مباشرة, ليصبح عالم (هاري بوتر) من أهم عوالم أدب الخيال على مر التاريخ.

روايات مسحورة:

(هاري بوتر) صبي يتيم كان يعيش مع خالته وزوجها وابنهما الصغير المزعج, الذي كان كثيرا ما يضايقه, ثم فجأة وصلته رسالة مع بومة بيضاء تقول إن مدرسة (هوجورتس) لتعليم الساحرات والسحرة تطلب انضمامه إليها, وبالرغم من رفض خالته لفكرة دخوله المدرسة, إلا أنها اضطرت للكشف عن حقيقة المدرسة وأخبرت (هاري) الصغير أن أباه وأمه كانا ساحرين, وأنهما توفيا في حادث بشع, ثم جاء (هاجريد) حارس بوابات (هوجورتس) العملاق ليخبر (هاري) أن أباه وأمه كانا من أشجع السحرة, وأن من قتلهما هو (فولدمورت) أشد سحرة العالم شرًا, والذي عندما حاول قتل (هاري) بعصاه السحرية, ارتدت التعويذة التي أطلقها إليه بعد أن أصابت جبين ساحرنا الصغير, وتركت فيه ندبة بقيت معه طيلة حياته, وعندما ارتدت التعويذة على الساحر الشرير أسقطته, وهلك بسببها.

ثم يذهب (هاري بوتر) إلى المدرسة مع (هاجريد), ليكتشف في طريقه إليها أنه شخصية شهيرة في عالم السحرة والساحرات, فكل من يرى الندبة على وجهه يتحدث إليه كأنه نجم سينمائي أو بطل صغير, وعندما يركب القطار الذاهب إلى المدرسة (وهو قطار سحري لا يراه البشر العاديون), يتعرف على أقرب أصدقائه إليه: (رون), و(هيرميون). ثم بالتدريج يعرف بطلنا أن السحر ليس مجرد أن يلوح بالعصا السحرية, فيحدث ما يريد, بل يحتاج إلى تعليم شاق, وطويل, يستمر لأعوام وأعوام في مدرسة للسحر, يشرف عليها الناظر (دمبلدور), وهو مَن يقال عنه إنه الساحر الوحيد القادر على تحدي (فولدمورت). ثم تتوالى الأحداث المثيرة العجيبة طوال ست روايات, ونتعرف على شخصيات خيالية من عالم (هاري بوتر) الساحر, والذي يكتشف أنه موهوب بالفطرة في لعبة السحرة لالتقاط الكرة المسمّاة (الكويدتش), ويلعبونها على مقشة سحرية تطير لارتفاعات كبيرة, وعلى ظهر كل مقشة لاعب, ويتكون الفريق من سبعة لاعبين وأربع كرات.

ويدخل (هاري بوتر) في الرواية الرابعة (هاري بوتر وكأس النار), مسابقة السحر التي تنظمها المدارس السحرية المختلفة, ليواجه كثيرًا من المواقف الصعبة, التي تحتاج لمعرفته بالسحر وسرعة بديهته, مثل محاولة أخذ بيضة تنين من عش تنين ثائر ينفث النيران من فمه على من يقترب. كما نرى كيف يواجه حيل زميله (دراكو مالفوي) الذي يكره بطلنا, لأن والد (دراكو) من السحرة الأشرار الملتفين حول (فولدمورت) ممن يسمون أنفسهم (أكلة الموت), ونرى كيف يتغلب (هاري) ومعه (رون) و(هيرميون) على (مالفوي) ورفاقه, في مطاردات ومبارزات مدهشة.

ومن الشخصيات الجميلة التي نتعرف عليها في الروايات الحصان وحيد القرن, والقناطير المقيمة في الغابة المسحورة المجاورة للمدرسة, وهي كائنات نصفها العلوي بشر ونصفها السفلي جياد, والأقزام الذين يخدمون السحرة والساحرات, والجان الذين يديرون بنك السحرة الكبير المليء بخزائن الذهب, والترول العملاق الغبي الذي يواجهه (هاري بوتر) في الرواية الأولى, ويتغلب عليه بحيلة ماهرة, والعنقاء الطيبة صديقة (دمبلدور) ناظر المدرسة, والهيبوجريف الحيوان الأسطوري الذي نصفه حصان ونصفه الآخر طائر, والتنين (نوربرت) الذي يحبه (هاجريد) ويتخذه حيوانا أليفا, بالرغم من احتجاج (هاري) و(رون) و(هيرميون), وكذلك مصاصو الدماء والمذؤوبون, إذ نجد أن (لوبين) صديق والد (هاري) أحدهم, لكنه مذؤوب طيب يتحول إلى ذئب عندما يكتمل القمر بدرًا فقط, ويعود بعدها إنسانًا طبيعيًا, كما نتعرف على الديمنتور الشخصية الكابوسية المخيفة التي تمتص الحياة من السحرة والساحرات ببطء في سجن السحرة المسمى (أزكابان) كعقاب للمخطئين.

والمؤلفة (رولينج) لا تقدم مجرد روايات مسلية طريفة, بل خططت عالمًا خياليًا كاملاً عن حياة السحرة والساحرات, حيث تحدثت عن وزارة السحر التي يرأسها ساحر كبير, وتتكون من مصالح وأقسام عدة مثل الشرطة, والعلاقات العامة والتعاون الدولي السحري, وجريدة السحرة المسماة (المتنبئ اليومي) أو (دايلي بروفيت) على غرار أسماء الجرائد البريطانية, ووسائل المواصلات السريعة مثل الانتقال عبر نيران المدفأة بين بيوت السحرة في شبكة مواصلات تنظمها وزارة السحر, ونقل الرسائل بالبوم, وكأس العالم للكويدتش الذي يحضره مشجعو اللعبة من السحرة والساحرات من كل أنحاء العالم, وتفوز به دول مثل أوغندا ولكسمبورج وأيرلندا, ممن ليس لها نصيب كبير في المنافسة على نهائيات كأس العالم لكرة القدم الحقيقية! ونقود السحرة, ومستشفى السحرة الشهير, وكيف لا يستطيع الساحر الصغير أن يصير ساحرًا معترفًا به إلا بعد دراسة شاقة من سبع سنوات في مدرسة السحر المليئة بالغرائب, ومدرسة السحر الواقعة في قلعة قديمة زاخرة بالأشباح الأليفة, والصور التي تتكلم, والممرات والحجرات المسحورة, والأشجار التي تضرب من يقترب منها, حيث يتعلم الصغار مواد دراسية مثل تاريخ السحر الذي يدرسه لهم شبح مدرس سابق في المدرسة, ومادة النباتات السحرية, والتعاويذ, ومنهج رعاية الكائنات السحرية الذي يدرسه (هاجريد) صديق (هاري) العملاق, والتنجيم الذي تخبرنا المؤلفة عنه أنه مادة غير ضرورية, وأن مدرسة التنجيم نفسها لا تستطيع التنبؤ بالطقس, وكل عام تتنبأ بأن (هاري بوتر) سوف يلاقي مصيرًا بشعًا ثم يتضح أنها مخطئة.

ونرى في إطار عجيب مليء بالغموض, كيف يحاول (هاري) وأصحابه حل طلاسم الأحداث الغريبة في المدرسة, وكيف يواجه منذ عامه المدرسي الأول الساحر (فولدمورت) الذي استطاع النجاة من الموت بعد أن اعتقد السحرة والساحرات في موته, وعلى مدار ست روايات يواجهه (هاري بوتر) بمساعدة أصدقائه, وفي بعض الأحيان بمساعدة كائنات سحرية مثل العنقاء, الحيوان الأليف لناظر المدرسة (دمبلدور), ولكن في كل المواقف التي يواجهها, من صراع مع ثعبان عملاق, إلى قتال الديمنتور المرعب, ومواجهة (فولدمورت) نفسه وجهًا لوجه, يستعين (هاري) بالعلم السحري الذي تعلمه في المدرسة, ليتغلب على بعض من مظاهر الشر في عالمه الساحر, الذي هو عالمنا لكن من وجهة نظر (خيالية).

 


 

عمرو خيري