العالم يتقدم

 

 


العالم يتقدم

المجرات.. جزر الكون الكبرى

إذا نظرت إلى الفضاء في ليلة صافية, لرأيت شريطًا من الضوء يمتد عبر السماء, هذا الشريط المضيء هو مجرة (الطريق اللبني). والمجرّة عبارة عن مجموعة هائلة من النجوم - التي قد يصل عددها إلى آلاف الملايين - بالإضافة إلى كواكب وغازات وغبار كوني ومذنبات وكويكبات وشهب, وتتخللها مجالات مغناطيسية وكهربائية جبارة, وتدور مكونات المجرة بعضها حول البعض الآخر, وتربطها معًا الجاذبية فتجعلها وحدة عظيمة متماسكة. والمجرات هي مكان مولد النجوم.. ومقابرها.

ولا توجد المجرات منفردة, بل في حشود قد يصل فيها عدد المجرات إلى عشرات الألوف, وهي تتباعد عن بعضها البعض بسرعات هائلة, فيزداد بذلك حجم الكون.

ولأن المجرات هي أضخم وحدات الكون, فقد أطلق عليها (جزر الكون الكبرى).

ويصنف الفلكيون المجرات إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

اللولبية.والبيضاوية. والمجرات غير المنتظمة.

وتتكون عادة المجرات اللولبية من قرص مسطح وانتفاخ في مركزه وهالة تحيط به. ويحتوي قرص المجرة اللولبية على الكثير من الغازات والغبار الكوني المنتشر بين النجوم, وعلى أكثر النجوم بالمجرة. وتدور النجوم مع الغازات والغبار الكوني, في الاتجاه نفسه حول مركز المجرة بسرعة تصل إلى مئات الكيلومترات في الثانية الواحدة, وتترتب غالبًا في أشكال لولبية أخاذة.

ومجرة (الطريق اللبني) التي تنتمي إليها مجموعتنا الشمسية (الشمس والكواكب التسعة وأقمارها) تشتمل على نحو مائتي ألف مليون نجم مثل شمسنا وتقع مجموعتنا الشمسية - التي تمثل جزءًا بالغ الضآلة بالنسبة للمجرة - في إحدى الأذرع اللولبية التي (ترفرف) حول المجرة, عند ثلثي الطريق إلى حافة المجرة, على ذلك الخط الوهمي الذي نتخيله مارًا خلال هذا القرص الجبار, الذي يبلغ قطره حوالي مائة ألف سنة ضوئية. و(السنة الضوئية) مقياس طولي يستخدم في قياس المسافات الهائلة بين النجوم, ويمثل المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة كاملة, والمعروف أن الضوء يقطع مسافة ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية الواحدة).

أما المجرات البيضاوية, فهي تشتق اسمها من شكلها, إذ أنها عبارة عن نجوم متكاثفة حول مركز المجرة, تتخذ شكلاً بيضاويًا. وهذه المجرات لا تحتوي عادة على الكثير من المادة المنتشرة بين النجوم, كما أن نجومها تدور حول مركز المجرة في اتجاهات مختلفة, لا يوجد أي شكل للدوران المنتظم بها. وتحتوي المجرات البيضاوية على نجوم في مرحلة الشيخوخة ذات لون أحمر ولا تتكون فيها نجوم جديدة, وعمومًا فإن هذه المجرات تكون خافتة الإضاءة للغاية, وتوجد غالبًا في حشد كبير من المجرات أو بالقرب من مجرات لولبية عملاقة.

وتكون المجرات غير المنتظمة نسبة ضئيلة من مجرات الكون, وهي صغيرة وليس لها شكل معروف بل تكون (مشوشة) وغريبة. وفي تلك المجرات لا يوجد أي قرص واضح أو مميز, على الرغم من أنها تحتوي غالبًا على كميات وافرة من الغازات وأيضًا معدلات مرتفعة من عمليات (ولادة) النجوم. وثبت علميًا أن المجرات غير المنتظمة تتبادل التأثير التجاذبي مع المجرات الضخمة القريبة منها, مما يفسر عادة المظهر المشوش لها.

وربما نتساءل: ما الذي يحدث عندما تصطدم المجرات بعضها بعضاً?

إنه لأمر مألوف في الكون أن تصطدم المجرة بمجرات أخرى, والمعتقد حاليًا أن اصطدامات المجرات, واندماج بعضها في البعض الآخر هو أحد العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى تطورها مع الزمن.

تتكون المجرة تقريبًا من مائتي ألف مليون نجم, ولذلك فلعلك تعتقد أن اصطدام مجرتين وجهًا لوجه سوف يؤدي إلى اصطدام عدد لا يحصى من تلك النجوم بعضها بعضاً. لكن الحقيقة أنه في مثل هذه (الحوادث الكونية) نجد أن احتمال اصطدام نجمين ضئيل للغاية!

ذلك أنه على الرغم من وجود عدد هائل من النجوم في المجرات, إلا أن حجمها يكون صغيرًا جدًا مقارنة بمتوسط المسافة بينها. ومعنى ذلك أنه حتى لو كانت المجرات مكونة فقط من النجوم, وحدث أن اصطدمتا وجهًا لوجه, فسوف تمر إحداهما من خلال الأخرى من دون أي تأثير يذكر!

ولكن هناك أمورًا يمكن ملاحظتها عند اصطدام مجرتين وتدل على حدوث تأثير ما بينهما.

فمن المعروف أن الفضاء بين نجوم المجرة ليس فارغًا, بل ممتلئ بالغاز والغبار الكونيين وهذه المادة سوف تؤثر وتتأثر عند اصطدام المجرتين. فعلى سبيل المثال, يمكن أن تؤثر تجاذبيًا, بمعنى أن كل مجرة منهما يمكنها جذب مادة المجرة الأخرى وتقويض شكلها العام. كنا أن الاحتكاك المروع بين الغاز والغبار الكونيين للمجرتين المتصادمتين, يسبب نشوء موجات هائلة يمكنها حث عملية (ولادة) نجوم جديدة في المجرتين.

 


 

رؤوف وصفي

 




مجرة لولبية ومجرة بيضاوية





مجرة غير منتظمة ومجرة تلتهم أخرى ومن ثم يحدث الاندماج بينهما