كوكو المهرج... يهديكم صورته


كوكو المهرج... يهديكم صورته

أنا (كوكو), وهو لقب دلال كان أبي يناديني به, ولازمني طوال حياتي, أما اسمي الحقيقي فهو (كلود).

هذه اللوحة, التي أهديكم نسخة مصوّرة منها, لوحة زيتية تحمل صورة يدوية لي, مقاسها الحقيقي (120سنتيمترا × 77 سنتيمترا), أبدعها أبي الرسام الفرنسي المشهور سنة 1909, ولازالت معلقة بأحد المتاحف في العاصمة الفرنسية ( باريس ) إلى يومنا هذا.

أنا آخر إخوتي الذكور الثلاثة, أوسطنا (جون) من أشهر المخرجين السينمائيين, والدتي هي (ألين شاريغو), تزوجها أبي سنة 1890, وكانت حاضرة في بعض من أشهر لوحاته لعل أبرزها تلك التي تحمل اسم (الرقص في الريف) 1883.

أما هذه اللوحة التي تحمل صورتي اليدوية, فلها قصة طريفة, فبينما كنت أستعجل الخروج للقاء أترابي في حفل, وأنا ألبس بدلة بهلوان, استوقفني أبي باسما, ونادى على (كابرييل) مربيّتي لتناوله لوازم الرسم, إذ درجت على إعدادها له دومًا طوال مقامها معنا, ولم يدعني أنفلت منه إلا بعد أن خط على اللوحة أبرز خصائص الصورة بأدق جزئياتها إلى درجة الضجر الذي استبدّ بي, إذ كان عمري آنذاك ثماني سنوات, وبعد أن أدرك مبتغاه, طبع قبلة على جبيني, فبالرغم من آلام المفاصل التي كان يشكو منها أبي آنذاك, فإن دقته لم تتوار, وحملت هذه اللوحة الزيتية اسم (المهرج).

نسيت أن أذكركم بأنني ابن الرسام الفرنسي (بيير أوغيست رنوار), الذي ولد بليموج بفرنسا سنة 1841. وأظهر نبوغًا مبكرا في الرسم, فبالرغم من الحياة البسيطة التي عاشها في كنف والده الذي كان يعمل خياطًا, فقد استطاع صيته أن يملأ فرنسا كلها, ولم يفارقه الفقر إلا سنة 1892, عندما اقتنت الدولة الفرنسية بعضًا من لوحاته, ومنذ ذلك الحين فتحت له أبواب اليسر المادي.

شهد له معاصروه من أشهر الرسامين: كلود موني - سيسلي - بيسارو... بدرجة تفوّقه الفني, فهو من زمرة الرسامين الانطباعيين, والانطباعية اتجاه فني تشكيلي يقوم على اتخاذ الانطباعات المحسوسة مبدأ للرسم الجمالي وإبرازها وإهمال كل التفاصيل.

توفي أبي عن سن يناهز 78 عامًا وأنا شاب في الثامنة عشرة من عمري, وقد قلدته الدولة الفرنسية وسام جوقة الشرف من درجة فارس, لوحاته تزيّن أشهر المتاحف في باريس ومدن كبيرة بفرنسا والبرازيل والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

 


 

أحمد واحمان