كيو... طائر يحلق خمسين ألف عام

نعم, هو طائر, وسيستمر في التحليق لمدة خمسين ألف عام, حاملا رسائل منا, لأحفاد أحفاد أحفاد أحفادنا, إذا استمرت الحياة البشرية بعد هذه الآلاف من السنين. هذا الطائر الذي يحمل اسم (كيو) ـ وهي الحروف الثلاثة المتوافرة في معظم لغات العالم ـ هو قمر صناعي على شكل طائر سينطلق في نهاية عام 2007 إلى الفضاء الخارجي حاملا رسائل من بلايين سكان الأرض الآن, لسكانها في المستقبل البعيد. فبعد أن يكمل آلاف السنين من الدوران حول الأرض في الفضاء, سيهبط على شكل كرة معدنية, وينفتح عارضا رسائل البشر من عصرنا, على البشر في المستقبل, وستكون هذه الرسائل مسجلة على أقراص مضغوطة من زجاج خاص يقاوم التلف.

لماذا 50 الف عام? لأن البشرية منذ 50 الف عام شهدت لحظة حاسمة في تاريخها باكتشاف التعبير بالرموز التي شكلت مولد اللغة. وهذا التاريخ لا يمثل إلا 1% من تاريخ تطورالإنسان منذ ظهوره على كوكب الأرض منذ خمسة ملايين عام. وعندما نحاول تخيل ما سيصبح عليه العالم بعد 50 الف عام من اليوم, نعرف كم هي غالية حياتنا هذه, ونقدِّر الأخوّة التي تجمع بين البشر, والمساواة في حق الحياة بين جميع سكان الأرض.

لكن ماذا لو لم يعرف البشر في المستقبل قراءة اللغات التي يتكلم بها البشر الآن? هذا احتمال قائم, لهذا عمل العلماء على إنتاج خرائط توضيحية ترشد إلى طريقة تشغيل أجهزة تقرأ أسطوانات الليزر مع رموز تحل إشارات اللغة, وبالتالي يمكن أن ينجح أحفادنا في الاطلاع على محتويات الأسطوانات من ملايين الرسائل, مثلما كان حجر رشيد مفتاحا لترجمة رموز اللغة المصرية القديمة.

إن القمر الصناعي, الطائر (كيو), مصمم بحيث يتسع قلبه لستة مليارات رسالة من كل إنسان يعيش على وجه الأرض الآن, ومنهم أنت ياقارئ العربي الصغير, ولك أن تكتب ماتشاء وتعبِّر عن كل ماتحس به وتأمل فيه. ولقد اعتبرت منظمة (اليونسكو) (كيو) مشروع القرن الحادي والعشرين, وأسمته (ذاكرة البشرية). فهل تريد أن تعبر عن نفسك, وتساهم في ذاكرة البشرية التي سينطلق بها الطائر الفضائي بعد عشرين شهرا من الآن? يمكنك ذلك بالتأكيد.

وموقع كيو على شبكة الانترنت هو:
www.keo.org