أغنية عصفور الثلج


أغنية عصفور الثلج

قصة من التراث الشعبي الروسي

ترجمة: إيزابيل كمال
رسوم: ريما كوسا

عند قدوم الربيع, عاد زوج من عصافير الثلج إلى المنحدرات الصخرية الشاهقة عند شاطئ البحر, قادمين من أرض بعيدة من الجنوب, بنيا عشاً على صخرة شاهقة على حافة البحر تمامًا.

وضعت العصفورة بيضة, وبقيت في العش تدفئها بجسدها, وكانت تخشى أن تتركها لحظة واحدة, خوفًا من أن تصيبها الريح الباردة بالتجمد, وكانت تغطيها حتى لا تسقط عليها الأمطار, لدرجة أنها بالكاد تجد وقتًا لتأكل أو تنام.

وأخيرًا فقس عصفورها الصغير, وخرج من البيضة, كان فرخًا جميلاً, وابناً عزيزًا. ولم يكن بين كل طيور الشاطئ عصفور صغير في مثل جماله, عيبه الوحيد أنه كثير البكاء, حتى أن والديه ليس لديهما وقت ليأكلا أو يشربا أو يناما, إذا طار والده لإحضار الطعام تبقى والدته تدندن له, وإذا طارت والدته يبقى والده يداعبه ويهدهده.

ذات يوم جلست والدته على حافة العش وغنت له غنوة:

تويت .. تويت, لمن هذه الأصابع الصغيرة?

تويت .. تويت, لمن هذه الأجنحة الصغيرة?

تويت .. تويت, لمن هذه الرأس العزيزة الصغيرة?

تويت .. تويت, لمن هذه العيون العزيزة الصغيرة?

تويت .. تويت, لمن كل هذه الأشياء العزيزة الصغيرة?

في تلك اللحظة مر بالقرب منها غراب, سمع الغنوة, توقف وأصغى في دهشة, فهو لم يسمع في حياته غنوة بهذا الجمال, عندما انتهت العصفورة الأم من الغناء, قال لها: أعطني هذه الغنوة?

- لا! لن أعطيها لك أبدًا, إنها الغنوة الوحيدة لدينا, ليس لدينا غيرها.

- أرجوك أعطينيها, لن أستطيع أن أعيش دونها.

- ابني لا ينام إلا إذا غنيت له غنوته, لا جدوى من إلحاحك, لن أعطيها لك.

- إذا لم تعطها لي, سأختطفها منك!

وانقض الغراب عليها واختطف منها الغنوة وطار.

بدأ العصفور الصغير في الصراخ والبكاء بصوت حاد, وانفجرت العصفورة الأم في البكاء.

عندما عاد العصفور الأب رأى ابنه يولول وزوجته تبكي, قال: ماذا حدث?

أجابته العصفورة الأم من بين دموعها: ما حدث أمر فظيع لا تصفه الكلمات, لقد انقض علينا غراب واختطف غنوتنا وطار, والآن لن ينام ابننا أبدا, سيمرض من كثرة البكاء, ماذا نفعل?.

غضب العصفور الأب جدا, برقت عيناه, دق الأرض بقدميه, قال لها: أعطني قفازي وقوسي وسهامي! سأجد اللص وسآخذ الغنوة من حلقومه! انتظري وسترين.

طار الأب, مر على كثير من الطيور ولم ير بينها الغراب, رأى دجاج الترمجان (طيور تعيش في أصقاع الشمال وهي من فصيلة الدجاج) , يجري بين الصخور وسمع طيور الزقزاق (نوع من العصافير يعيش في أقصى الشمال البارد) الذهبية تصفر!

في النهاية, رأى على مسافة بعيدة مجموعة من الغربان قابعة على الصخور, فحط بالقرب منها, ورفع قوسه وسهمه, ومكث في انتظار تصويب سهمه نحو الغراب الذي سرق الغنوة.

لكن هذه الغربان لم تكن تغني غنوة عصفور الثلج أو أي غنوة غيرها, كانوا فقط يتشمسون ويثرثرون بينما يلعب صغارهم, بين حين وآخر ينعق (صوت الغراب) أحدهم, لكن ذلك ليس غناء بالمرة!

أخذ العصفور الأب يطير ويصفق بجناحيه ذهابًا وإيابًا, حتى وقعت عيناه على غراب يقف على غصن شجرة رافعًا منقاره مغمضًا عينيه يتمايل يمينًا ويسارًا كما لو كان يغرد بعذوبة ورقة!

تويت .. تويت, لمن هذه الأصابع الصغيرة?

تويت .. تويت, لمن هذه الأجنحة الصغيرة?

صاح العصفور الأب: هذا هو الشرير! هذا هو اللص الذي سرق أحلى غنوة في العالم!

حط العصفور الأب على فرع من الشجرة نفسها, وصوب سهمه, لكنه بالكاد أسقط ريشة من ريش جناحه القوي, حتى أن الغراب لم ينتبه ولم يفتح عينيه لأنه مستغرق في الغناء!

أخرج العصفور الأب كل سهامه من جعبته وبدأ يصوبها سهما بعد آخر نحو الغراب اللص, ذلك الغراب الذي مازال يغني:

أوه! تويت! لمن هذه الأصابع الصغيرة?

واو! تويت! لمن هذه الأجنحة الصغيرة?

أوش! شيء ما ضربني!

آوه! تويت! لمن هذه الرأس العزيزة الصغيرة?

أوه! تويت! شيء ما وخزني!

أوه! تويت! لمن هذه العيون العزيزة الصغيرة?

ووو! النجدة! يكفي هذا! آه! آه! آه!

وسقطت الغنوة من الغراب, استردها العصفور الأب بسرعة وطار بها عائدًا إلى عشه, وكلما اقترب ارتفع صوت ولولة ابنه ونحيب زوجته. صاح بصوت مرتفع: كفا عن الولولة والنحيب! لقد أحضرت لكما غنوتكما من ذلك اللص. هاهي!

سعدت العصفورة الأم جدا, وبدأت تغني غنوتها, وكف ابنها الصغير عن الولولة ونام.

منذ ذلك الحين, أينما رأت عصافير الثلج غرابا تتوقف في الحال عن الغناء, ولا حتى يفتح أحدها منقاره, ولذلك فكل عصافير الثلج مازالت تحتفظ بأغانيها وتغنيها لصغارها المزعجين.