قدوتي العلمية


قدوتي العلمية

رسوم: ممدوح طلعت

إسحاق نيوتن
كلما ازددت عـلما.. ازددت إيمانا بالله

كم من أشخاص جلسوا أسفل شجر التفاح, وسقطت الثمار من أعلى الشجرة إلى جوارهم, فالتقطوها, وغسلوها وأكلوها دون أن يسأل أي منهم: ترى.. لماذا سقطت التفاحة ولم تبق معلقة في الشجرة?

شخص واحد هو الذي تساءل.. وعندما كثرت الأسئلة في رأسه, حاول أن يجد الإجابة, وراح يفكر ويفكر وعندما توصل إلى الحقيقة صار واحدًا من أكبر علماء الرياضيات في الدنيا.

كان هذا الموضوع, هو المحور الرئيسي لندوتنا الشهرية, التي يقيمها نادينا, المسمى (قدوتي العلمية).

بدت أهمية الحوار في التعرف على أهمية الصدفة في حياة أشخاص تدفع كلاً منهم إلى التوصل لاكتشاف علمي يغير تاريخ البشرية. فالعالم اليوناني القديم (أرشميدس) هو الوحيد في الدنيا الذي عندما نزل الحمام, لاحظ أن المياه تطفو على طرفي الحمام إذا وضعت فيه شيئا, فاكتشف قانون الطفو, واسحاق نيوتن هو شخص آخر.

فكم أكل البشر التفاح, وكم شاهد الناس الثمار تسقط من الأشجار, وكم سقط أشخاص من أعلى الجبال, والمنازل.

وأجمل ما في اسحاق نيوتن أنه شاهد التفاحة بعيني طفل, اندهش أولاً ثم فكّر في سبب السقوط.

وبدأنا نراجع ما يعرفه بعضنا عن نيوتن سواء ما جمعه من على شبكة الإنترنت أو من مكتبة النادي, أو من مكتبة المدرسة.

وقبل أن نقرأ ونعرف المزيد عن قدوتنا العلمية لهذا المساء, قرأت علينا صديقتنا (وفاء) ما قاله نيوتن عن نفسه يومًا:

(أنا طفل أقف على الشاطئ, اكتشف بين وقت وآخر صَدَفَةً براقة أو حجرًا مصقولاً, وأمامي بحر المعرفة الزاخر.. لايزال مجهولاً).

يا إلهي.. يا له من تواضع!

حدث ذلك في القرن السابع عشر.. ذلك الزمن الذي عرف بداية الشغف البشري, باكتشاف أسرار العلوم.

ومثل الكثير من العلماء الجهابذة ولد اسحاق في بيت فقير, حدث ذلك في أواخر عام 1642 فقدْ فقدَ الصغير أباه وهو في الشهر الثالث, وتربى في مدارس مدينة (بولتروب) البريطانية.

ورغم ظروفه الحياتية الصعبة, فإن هذا لم يمنع ذكاءه المتوقد من أن يكشف مواهبه.. كان يعشق تقليد المصنوعات, ويميل إلى الاكتشاف والاختراع.

وكم قال اسحاق لنفسه, وهو يبتعد عن أصدقائه:

- إنهم يلعبون بأشياء بسيطة, أما أنا فعلي أن ألهو بالألعاب الآلية.

لم تكن تلك الألعاب سوى المناشير, وأدوات الصناعة, ونجح الصغير في تركيب ساعة مائية, وبنى مروحة هوائية غريبة الشكل في إحدى مطاحن المدينة.

ولفت الصغير أنظار الناس إليه, لدرجة أن رجلاً عجوزًا قال:

- لقد عشت طويلا, فلم أعرف شخصا له المواهب المتعددة نفسها.

كان بارعًا في أشياء كثيرة, فهو رسام بالغ المهارة, وعاشق للشعر, بالإضافة إلى حبه الشديد للاختراع, ذات يوم قال له أحد زملائه:

- أنت تلميذ فاشل يا إسحاق, مهما حققت خارج الفصل, بدليل أنني أتفوق عليك في الدراسة.

وتضايق الصغير اسحاق وقرر ألا يكون بعد اليوم التلميذ رقم 2 ومع ذلك لم يتخل قط عن هواياته الأخرى.

ففي الليل, وبعد مذاكرة دروسه, كان يخرج إلى العراء ويتأمل النجوم والأجرام السماوية, وراح يطور التلسكوب الصغير الذي يمتلكه.

وعندما مات زوج أمه, تعرض اسحاق لامتحان عسير, فقد صار عليه أن يتولى زراعة أرضه, والاتجار في محاصيله, لكنه قال لأمه:

- سامحيني يا أمي, كم في الدنيا من تجار, وزارعين, لكنّ حب العلم يستبد بي.

وتركته أمه كي يلتحق بالجامعة, وكان الأول دائما في صفوف الدارسين, وهو يتعمق في العلوم الرياضية, وقرأ كتب الأقدمين, واكتشف أن بإمكانه اختصار المعادلات الرياضية الطويلة الصعبة إلى خطوات قصيرة.

وبعد تخرجه من الجامعة عام 1665, استخدم أدواته الصغيرة لفحص الضوء وصاح:

- يا إلهي.. الضوء من حولنا مركب من سبعة ألوان.. إنها نفس ألوان قوس قزح.

وراح يدرس حركة الضوء, وطبيعته, لو نفذ من منشور بللوري, وشاهد بنفسه لأول مرة كيف تنطلق ألوان قوس قزح من المنشور.

ولعبت المصادفات دورها في حياة قدوتنا العلمية لهذا الشهر, فوسط انشغاله باختراعاته الجديدة, عرف أن الوباء تفشى في المدينة التي يعيش فيها, فقال لنفسه:

- يجب أن أعود إلى ضيعتي وأعيش هناك بعض الوقت.

ووجد نفسه هناك بلا عمل, وبلا أدوات معملية, فكان يقضي أغلب وقته نائمًا تحت شجر التفاح, إلى أن سقطت تفاحة ذات يوم فوق رأسه, وسرعان ما تساءل:

- ترى ما الذي أسقط التفاحة فوق الأرض?

ثم توالت الأسئلة: ما هي القوة التي لا نراها تختلف نسبيًا مهما ارتفعنا عن سطح الأرض?

وصعد فوق برج عال, ورمى بحجر, ولاحظ أنه يسقط بسرعة, وأنه كلما ارتفع البرج الذي يرمي منه الحجر, ازدادت سرعة الحجر, أي تزداد قوة جاذبية الأرض له.

وبدأ يصوغ نظريته.

فالأشياء تسقط من أعلى إلى أسفل حسب وزنها, وثقلها, وتزداد مسرعة كلما زاد ارتفاع سقوطها.

واكتشف أن هذه الظاهرة لا تمتد فقط إلى الأرض, بل توصل إلى سر دوران القمر حول الأرض, فلولا الجاذبية الأرضية لانطلق القمر في خط مستقيم.

وراح الشاب نيوتن يطور نظريته, ولم يتوقف عندها, بل واصل اكتشافاته العلمية, فتمكن من صنع أول نظارة عاكسة عملاقة.

وقام بتأليف كتابه الشهير (المبادئ) ووضع فيه جميع خبراته العلمية.

قالت صديقتنا (ولاء) في نهاية لقائنا الشهري, الذي خصصناه هذه المرة عن نيوتن.

- أحب أن أضيف معلومة مهمة قرأتها عن نيوتن, لقد أثبت أن الإنسان كلما توغل في أعماق العلوم, اكتشف قدرة الخالق سبحانه وتعالى, ولذا كان مؤمنًا بالله بل شديد الإيمان.

 

 


محمود قاسم