عيد تحرير الكويت

عيد تحرير الكويت

تحتفل بلدي الكويت هذا الشهر بعيد من أغلى أعيادها, هو عيد التحرير, فقد مرّت في هذا الشهر عشرة أعوام كاملة على تحرير التراب الكويتي من آثار الغزو العراقي الغاشم الذي دخل الكويت في الثاني من أغسطس 1990. ولكن يوم التحرير الحقيقي - من وجهة نظري - هو اليوم الذي استطاعت فيه السواعد الكويتية أن تقاوم الدمار والتخريب الذي أحدثه جنود هذا الغزو.

إنها مناسبة عظيمة وخالدة, تلك التي تمكن فيها الشباب الكويتي من إطفاء آخر بئر للنفط, وأخمد بذلك الجحيم الذي كان قد اشتعل على أرض الكويت الطيبة.

تخيلوا معي هذا المنظر: 652 بئراً كاملة قد اشتعلت فيها النيران, منها 437 بئراً قد دُمرت تماما. وقد أشعل العدو النار بذلك في حوالي 92% من الثروة النفطية لبلدي الكويت.

هل تعرفون ماذا حدث من جرّاء تلك الجريمة النكراء?

لقد كان حجم النفط الذي يحترق كل يوم حوالي 2,5 مليون برميل, ومعنى هذا أنه كانت هناك سحابة سوداء تغطي سماء الكويت كل يوم وتحجب عنها ضوء الشمس. وهي ليست سحابة عادية, ولكنها محمّلة بالدخان والمعادن السامة وأول أكسيد الكربون الخانق وثاني أكسيد الكبريت كريه الرائحة. ولم يتوقف الأمر عند هذه السحابة الخانقة. فقد تسرّب النفط إلى مياه الخليج فقتل ما فيها من أسماك وطيور تتغذى عليها, وكذلك تسلل إلى الصحراء فقتل كل ما فيها من نباتات وحيوانات. لقد كانت مأساة رهيبة بحق.

لقد توقع العديد من الخبراء في العالم أن إطفاء هذه الآبار سوف يمتد لسنوات طويلة. بل لقد قال بعضهم إن الأمر سيأخذ خمس سنوات كاملة. فالكويت رغم مساحتها الصغيرة تحتوي على 10% من احتياطي النفط العالمي وضغط الآبار فيها عال جداً.

وكانت المعجزة الكويتية حيث تمكن فريق من الشباب الكويتي بمساعدة بعض من الشركات العالمية وفرق من البلاد الصديقة من إطفاء الآبار جميعاً خلال 240 يوماً فقط, فقد بدأ العمل في إطفاء الآبار في 11 مارس 1991. وانتهى بإخماد آخر بئر في السادس من نوفمبر من العام نفسه, وهو زمن قياسي.

لقد تحققت هذه المعجزة بفضل عزم الرجال وشجاعتهم وإصرار فرق العمل التي شاركت على تحقيق أعلى معدلات للإطفاء اليومي للآبار بالرغم من العدد الضخم من الآبار المشتعلة.

وبذلك تكون الكويت قد تمكنت من تجاوز هذه المحنة الرهيبة وأغلقت ملف أكبر كارثة بيئية شهدتها منطقة الشرق الأوسط.

تحية إلى الكويت في عيدها الوطني.

وتحية وتهنئة إليها بمناسبة مرور عقد على التحرير.

وتحية إلى أبناء وطني الذين أنقذوها من أكبر محنة تعرّضت لها.

إبراهيم العوضي