رينوار.. رسام الجمال والأطفال

رينوار.. رسام الجمال والأطفال

بيار أوغست رينوار Pierre Auguste Renoir رسام انطباعي فرنسي. ولد في مدينة ليموج الفرنسية سنة 1841 لكنه عاش معظم حياته في باريس.

عندما كان رينوار في المدرسة الابتدائية, ظن المعلم أن لديه موهبة في الموسيقى, فشجعه على دراستها, لكن الصغير أظهر براعة في الرسم, فأرسله والداه إلى مصنع البورسلين ليتعلم الرسم على الصحون, إلا إنه عندما أقفل المصنع انتقل للعمل لدى أخيه الأكبر الذي كان يحفر على الميداليات. في السادسة عشرة من عمره رسم رينوار جدته وحازت اللوحة الإعجــاب الكبير, فقرر أن يجعل من الرسم مهنته. عمل بنسخ الرسوم على المراوح اليدوية والأباجورات, وفيما بعد عمل برسم المواضيع الدينية على الأقمشة التي تعلق على الجدران.

كان رينوار بحاجة إلى دراسة الفن, ولم يتسن له ذلك إلا عندما أصبح في الحادية والعشرين من عمره, حين دخل مدرسة الفنون الجميلة. وهناك التقى بالفنانين مونيه وبازيل وانضم إليهما بالرسم في غابة فونتنبلو.

حاول رينوار أن يعرض أعماله لكنه قوبل بالرفض مرتين, إلا أنه لم ييأس وتابع العمل. عندما رسم عدة رسوم بورتريه لبعض الأطفال, لاقت لوحاته الكثير من الإعجاب لأنه رسمها بحنان ورقة, وأظهر براعة فنية كبيرة, كما أثبت أنه يختلف عن الانطباعيين بأنه رسام أشخاص وليس مناظر طبيعية.

لم ينل رينوار الاهتمام الكافي والشهرة إلا بعدما شارك في معرض الفنانين الانطباعيين الأول, ومن أشهر لوحاته الانطباعية لوحة Le Bal au Moulin de la Galette, حفلة راقصة في مقهى لاغاليت (مشهد في الهواء الطلق) أظهر فيها إبداعه في رسم الأشخاص والضوء. وكل من يريد أن يعرف شيئاً عن حياة المجتمع الفرنسي خلال حكم نابليون الثالث, وعن الأزياء والتسلية والترفيه, فإن لوحات رينوار تعتبر بمثابة مرجع جميل بالألوان لتلك الفترة.

كان رينوار في الثانية والأربعين من عمره عندما اعتقد أنه وصل إلى طريق مسدود في الرسم, فقام برحلة إلى إيطاليا اطلع فيها على أعمال الفنانين الكبار مثل رافائيل وغيره, لكن ذلك جعله يظن أنه (لا يعرف الرسم) كما قال, فانصرف إلى تقوية مهاراته الفنية لعدة سنوات. كان ذلك أكثر من كاف مما أدى إلى أن تصبح رسومه قاسية, وتغيير ألوانه, وأصبح الضوء في لوحاته نافراً. وخرج رينوار من تلك التجربة أكثر تجدداً ونضجاً, وأصبحت رسومه أكثر قوة, فأدخل الضوء إلى أجساد أشخاصهوملامحهم بدلا من إحاطتهم به.

وكان يستمد لوحاته من الطبيعة حيث كان يعيش في جنوب فرنسا حيث الشمس والضوء, مما جعل أشخاصه قطعة من الطبيعة بدلاً من أن تذوب فيها. ورسم فرح العيش في الهواء الطلق وخصوصاً في مجموعة لوحاته المسماة المستحمات التي رسم فيها صبايا تبدو عليهن البراءة, كأنهن في جنة, وأظهر براعة برسم لون الجلد اللؤلؤي اللامع الجميل.

في السنوات العشرين الأخيرة من عمر رينوار شلت أصابع يديه بسبب مرض التهاب المفاصل. لكنه رغم كل ذلك استمر بالرسم بواسطة ريشة مربوطة بذراعه إلى أن مات في قرية Cagne-Sur-Mer في جنوب فرنسا في 3 ديسمبر سنة 1919 وكان في الثامنة والسبعين من عمره. ذلك الفنان الذي تنتشر أعماله في متاحـف العالـــم الكبرى وتجتذب ملايين الزوارالذين كنت واحدة منهم. عند رؤيتي لوحة (فتاتان في الحقل) وقعت في حبها, كما يقــول متذوقو الفن, ولم استطع الاكتفـــاء من النظر إليها. بدا لي كأن رينوار قد قبض على كل الجمال وكل الضوء ووضعه في تلك اللوحة الرائعة.

 


 

نهى طبارة





وجه فتاة





لوحة فتاتان في الحقل