عمرو... في مهرجان سينما الأطفال

عمرو... في مهرجان سينما الأطفال

قال الجد لحفيده عمرو:


- تكلمنا في الأدب والتاريخ والعلم وأخبار الوطن, وتحاورنا حول الثقافة, والآن جاء دور الكلام عن السينما.
نهض الجد, ووضع يده على رأس حفيده, ونظر في عينه وقال:


- هذه دعوة افتتاح, مهرجان القاهرة الدولي الحادي عشر لسينما الأطفال اذهب وشاهده, واكتب للأطفال إحساسك عن المهرجان, وقدّم لهم صورة عن حركة أحداث المهرجان, وعلاقة الطفل بفن السينما.


ابتسم عمرو, واكتسى وجهه بالسرور, وقال لجده:


- سوف أفعل ما تريده.


بكّر عمرو في الحضور قبل افتتاح المهرجان, علّق في كتفه كاميرا صغيرة, وبيده دفتر مذكرات وقلم, كانت الساحة عامرة بالأطفال وذويهم, أطفال يشعّون بالبهجة, والألوان, يرفعون شعار المهرجان.


لحظة الافتتاح, دخل عمرو مع الجموع الداخلة, جلس على كرسيه في صالة المسرح الكبير. ستارة حمراء تنسدل على واجهة المسرح, حين حضر الوزير ومرافقوه واستقروا على مقاعدهم, بدأت مراسم الاحتفال بتكريم الفنانين الذين قدموا في حياتهم البسمة للطفل, والذين أسعدوه بفنونهم المرئية والمسموعة:


- الفنان الراحل (محمد فوزي) من روّاد تلحين الأغاني للأطفال.


- (كريمة مختار) أشهر مَن قامت بدور الأم في الأفلام والمسلسلات المصرية خلال العقود الثلاثة الماضية.


- الفنان (محيي الدين اللباد) الرائد لكتابة ورسوم الأطفال والذي شارك في وضع ورسوم أكثر من عشرين كتاباً للأطفال في عالمنا العربي.


- (نتيلة راشد) رئيس تحرير مجلة (سمير للأطفال) والتي أسست قسم الأطفال بدار الهلال ولها العديد من المؤلفات كلها حول الطفل.


بعد التكريم, بدأ عرض فيلم الافتتاح وهو فيلم الرسوم المتحركة الصيني (ماركو بولو يعود إلى المدينة) وهو عن طفل سليل البحار الإيطالي الشهير (ماركو بولو) يخوض رحلة عبر البحار, متخطياً حاجز الزمن, في مغامرة تكاد تكون أسطورية لإنقاذ الأميرة (مينج يو) , والفيلم رحلة باللون, والموسيقى, والرسوم المتقنة تقدم من خلال مؤثرات حديثة استخدمت لإنتاج فيلم كبير يثري خيال الطفل. كما يتميز الفيلم بتقنية عالية باستخدام الكمبيوتر, وأحدث آلات التصوير, ويحتشد بالشخصيات الجذّابة ومجموعة الحيوانات والأغاني الجميلة.


كان عمرو يسجل في مفكرته مشاهداته ومعارفه, يلخص ما يراه من أفلام, ويعلق عليها, ويدوّن الأفكار الأساسية للندوات التي حضرها. فتجمّعت لديه معلومات ومعارف حول مهرجان السينما .


لمحات من الأفلام
* افتتن عمرو بالأفلام الإيرانية التي كانت مفاجأة بالنسبة له.


على مستوى الموضوع الإنساني, والصورة المتحركة, والالتزام بقضايا الطفل, وخلق مجالات من الخيال الملتزم أمام وعي الصغار, كان فيلم المخرج (مجيد مجيدي), (لون الفردوس), من أهم العروض التي شاهدها (عمرو), ولقد رشّح هذا الفيلم في الخارج لجائزة الأوسكار. وبطل الفيلم محمد ابن السنوات الثماني هو ضرير, يمارس حياته مثل المبصرين, ويتعرّف على العالم من خلال غريزته حتى يبدو لنا عبر الفيلم أكثر تفوّقاً من المبصرين, وبالتالي يهزم عاهته في واقع يعيشه ويحبط كل شيء. يقول المخرج (مجيد مجيدي): (إنني أتعاطف مع الطفل بسبب نشأته, لقد عشت مع والدي وأربعة من الأطفال في غرفة واحدة, وكانت جدتي تعمل خادمة في بيوت أحد الأغنياء, لذلك يمثل الجانب الاجتماعي حيّزاً مهماً من رؤيتي الفنية).


* كان فيلم (شانجول ومانجول) من الرسوم المتحركة, والذي حصل على جائزة المهرجان هو ومخرجه (سيد مورتيزا أهادي), ويصوّر الفيلم سجادة عليها رسوم لماعز وصغارها, وأنثى غراب وبيضها, وثعلب وثعبان, تخرج الصور من السجادة وتنسج موضوع الصراع بين الخير والشر في صور متتابعة وصراع مدروس درامياً, وفي النهاية, يحسم الصراع لصالح الخير المتمثل في جانب الحق, جانب الماعز وأنثى الغراب, وينهزم الشر المتمثل في جانب الثعلب والثعبان. عمل على مادة محلية وهي السجادة التي لم تفارق الشاشة طوال عرض الفيلم, حيث تخرج الرسوم منها وتعود إليها في تقنية متقنة, وإبراز لحركة الصور, وتأكيد لمعنى الصراع بين الخير والشر.


* أما الفيلم اليوناني الذي حصل على الجائزة الأولى للأفلام الروائية القصيرة (دراجة بلون الكناري) للمخرج (ديمتريس ستافراكاس) فكان من الأفلام الشائقة والذي يحمل الكثير من القيم الإيجابية, حيث يقدم علاقة بين مدرس وطفل يجهل القراءة والكتابة ويعيش على الفطرة, ولذلك أصبح منبوذاً في واقعه الاجتماعي. يقرر المدرس تعليم الطفل ليخرجه من حالته بكل السبل, حتى يستعيد لياقته الروحية والنفسية وينجح في ذلك عبر مشاهد متتابعة وصورة تتصف بالجمال والسموّ.


* كما قدمت السويد فيلم (شقيقات النجمة) للمخرج (توبياس فولك), عن ثلاث فتيات تربط بينهن نجمة بمشاعر الحنين والحب وتتواصل بينهن المودة بسبب تلك النجمة البعيدة.


* قدمت مصر الكثير من الأفلام الروائية القصيرة وأفلام الرسوم المتحركة منها أفلام: نعم الخطوات, المدائن العلمية, مغامرات النحلة الشقية, فتح عينيك, بكار, شجرة التوت, وهو الفيلم المأخوذ عن قصة للروائي المصري محمد البساطي والحاصل على الجائزة الثانية للمهرجان للأفلام القصيرة, ويدور حول أطفال ثلاثة يرتبطون بعلاقة مع شجرة توت أشاع حولها الكبار أن جنيّة تسكن تحتها, وتخطف الأطفال, حتى يكتشف الأطفال أن الجنيّة ما هي إلا أم وحيدة تقيم بالقرب من شجرة التوت, فينسجون معها علاقة ومحبة ويقدمون مشاهد من أرق مشاعر العطف والمودّة بعيداً عن عالم الكبار وقسوتهم.


تتوالى الأفلام هندية وصينية وإيرانية وأمريكية وبلجيكية وبولندية, وتسطع ليالي المهرجان ببهجة طفولية, وتزدحم أرض الأوبرا بالآباء والأمهات الذين يصطحبون أبناءهم في مشهد لا يُنسى لزيارة السوق الخيري لصالح الأطفال متحدّي الإعاقة, والأطفال الأيتام, المقام بالمسرح المكشوف بدار الأوبرا.
لقد سعد عمرو بأحباب الله من الأطفال متحدي الإعاقة, وهم يقدّمون إنتاجهم داخل خيام صغيرة تعرض أشياءهم, وأشياء غيرهم.


وفي المساء, حضر الختام, وعلى المسرح صعد الوزير مع رئيس المهرجان, يحوطهما أطفال من معهد الباليه مثل الملائكة, وطفل ملوّن بالذهب, يقف على الكرة الأرضية الذهبية ويشير للمستقبل, ولجنة التحكيم, كباراً وصغاراً يمكثون في خلفية المسرح في انتظار إعلان الجوائز التي أعلنها أعضاء من لجنة التحكيم, وقد فاز من الأفلام الروائية الطويلة, الفيلم اليوناني (دراجة بلون الكناري) بالجائزة الذهبية, وفازت السويد بفيلم (شقيقات النجمة) بفضية المهرجان, وفي مسابقة الأفلام الروائية القصيرة فاز الفيلم الفنلندي (في الليل) بالذهبية, والمصري (شجرة التوت) بالفضية. كما فاز بجائزة لجنة التحكيم الدولية الفيلم الهندي (الهدف) وفاز بجائزة لجنة تحكيم الأطفال الدولية الفيلم الكندي (الدوق) والإنجليزي (كهف النار). وفي جائزة الرسوم المتحركة فاز بالجائزة الذهبية الفيلم الإيراني (شانجول ومانجول), وفاز فيلم (فتّح عينيك) المصري بجائزة وزارة الثقافة المصرية.


كانت أياماً بديعة, وعلى نحو جميل والطفل يصعد مع الخيال إلى المستقبل عبر اللون, والقصة, والأغنية, وحبكة الممثلين.

 


 

سعيد الكفراوي





محمد فوزي

















شعار المهرجان