جامع الفراشات
جامع الفراشات
وقفت الفراشة على إحدى اللوحات التي كتبها يوسف وعلقها بيده على حائط المدرسة وقرأت: فطارت لتقرأ لوحة أخرى مماثلة وفيها: (لا تعبث بزهور الحديقة لأنها ملكي وملكك) وغيرها من اللوحات التي برع في كتابتها وكانت كلها تتحدث عن البيئة. سعدت الفراشة مما قرأت كما سعدت بأن يكون هناك من هم في مثل عمر يوسف يفهمون ضرورة الحفاظ على البيئة من حولهم فأحبت ذلك منه وذهبت لتبحث عنه وتصادقه. وجدت الفراشة يوسف في حديقة المدرسة يحاول إمساك الفراشات فقالت: (الله إنه يلاعبنا نحن الفراشات ويحبنا أيضا كما يحب الزهور إنه ولد طيب ونشيط). وفي يوم آخر وبينما الفراشة تلهو مع أصدقائها في حديقة النادي المجاور للمدرسة رأت يوسف مع أصدقائه في النادي وقد حضروا إلى هناك بعد انتهاء اليوم الدراسي. ورأته يتزعم أصدقاءه ويسابقهم في الجري وراء الفراشات. طارت الفراشة من فورها, لتأتي بأخواتها وأصدقائها للعب مع يوسف وأصحابه, فهم أولاد طيبون, مع الفراشات يلعبون. ولما اقتربت منهم الفراشات في أسراب أسرع يوسف إليها ولكن ما هذا الذي أخرجه من حقيبته?! إنها شبكة من السلك لها يد يحاول بها إمساك الفراشات الملونة وبعد حين تجمع معه الكثير والكثير منها وكذلك فعل أصدقاؤه. فرت الفراشة بصعوبة ومعها بعض رفاقها اللاتي بكين على أصحابهن. تعجبت الفراشة وقالت في نفسها لماذا يفعل يوسف بنا ذلك? وقررت مراقبته لترى ماذا يفعل بأخواتها. تابعته حتى منزله ولم تستطع الفراشة الدخول إلى غرفته فقد كان زجاج النافذة مغلقا فوقفت على الزجاج ورأته وقد دخل غرفته يخرج من مكتبه كتابا كبيرا ولما فتحه دهشت. يا إلهي ما هذا?! كم هائل من الفراشات بأنواعها ولقد ألصقها بعناية على الصفحات ولماذا يفعل ذلك? ألهذا أمسك إخوتي.. وهل هنا في هذا الكتاب مصيرهم?.. حزنت الفراشة وبكت وشعرت بأنها قد أوقعت بإخوتها في يد هذا الصياد وأصحابه. وفي الصباح ذهبت الفراشة إلى مدرسة يوسف, وكان اليوم هو يوم احتفال جماعة البيئة التي يرأسها يوسف, وفي الاحتفال يقوم هو بإلقاء كلمة الجماعة. كما قررت المدرسة إهداءه هدية قيمة لنشاطه في الجماعة. فقفزت فكرة إلى الفراشة, وأسرعت بجمع الفراشات النادرة الجميلة, من حديقة النادي, وأتت بأعداد كبيرة منها لحضور الحفل وهنا قالت لهن: ـ فلندخل قاعة الاحتفال ونقترب من يوسف عند إلقائه لكلمته أمام الجميع, ولنر ماذا سيفعل. وافقت الفراشات. ولما بدأ يوسف في إلقاء كلمته دخلت الفراشات تشاغله وسط إعجاب الجميع بمنظرها البديع فحاول هو ألا يعيرها اهتماما فشاغلنه أكثر وأكثر. وانجذب يوسف إليها وقال في نفسه: (الله ما أجملها من فراشات.. إن منها ما لم أجمع منه شيئا مطلقا). ولم يستطع يوسف مقاومة رغبته فأسرع بإخراج شبكته من حقيبته وجرى وراءهن ليمسك بهن على مرأى من الجميع. تعجب الحضور من فعله وعارضه الجميع وهنا وبخه رئيس الاحتفال قائلا: (لا يصح أن تكون ولو عضوا بجماعة البيئة ألا تعلم أن الفراشات أيضا جزء من البيئة وأنك بذلك تؤذيها.. لا يمكن أن يكون جامع للفراشات هو رئيس جماعة البيئة بالمدرسة). وطردوا يوسف من الجماعة, وكانت الفراشات يشاهدنه وهو يقف حزينا في الحديقة, آسفا, ينظر للفراشات الجميلة وهي تطير تلون الجو بألوان الفرح, وتعطي للحياة المزيد من الجمال والبهجة.
|