واحة الفن الجميل

واحة الفن الجميل

بول غوغان

بول غوغان رسام فرنسي, ولد في باريس في 7 يونيو سنة 1848. كان والده صحفياً, أما جدته فكانت المُصلحة الاجتماعية المعروفة (فلورا تريستان) قريبة حاكم البيرو (بلد في أمريكا الجنوبية) وفي عاصمتها ليما قضى غوغان أربع سنوات من طفولته مليئة بالمغامرات الحلوة.

عندما كبر غوغان عمل أولاً في البحرية التجارية, ثم سكن في باريس وعمل سمسار بورصة. وفي الخامسة والعشرين من عمره تزوج من امرأة دانماركية, ورزقا بخمسة أطفال. كانت هوايته الرسم, لذا كان يزور المعارض ويشتري اللوحات الفنية, وفي المساء يقضي بعض الوقت في مرسم أحد الفنانين. لم يلبث أن قرر دراسة الرسم على يد الفنان المعروف بيسّارو, فتعلم التقنية الانطباعية, وتمكن من عرض أعماله, فيما بعد, مع الفنانين الانطباعيين, واشترك بخمسة من معارضهم. إلا إنه لم يكتف بذلك, بل أقدم على مغامرة كبيرة قلبت حياته كلها عندما ترك عمله المستقر في البورصة, الذي كان يؤمن له المال الكافي لكي يصرف على عائلته, وتفرّغ كلياً للرسم, تاركاً زوجته وأولاده دون ما يكفي من المال, فغضبت زوجته كثيراً فأخذت أولادها وعادت إلى أهلها في كوبنهاجن عاصمة الدانمارك.

قضى غوغان وقته بين باريس والريف الفرنسي في بريتاني, حيث ترأس مجموعة من الفنانين الذين عملوا على تبسيط الشكل واللون في الرسم. وتميز أسلوب غوغان باستعمال مساحات كبيرة من الألوان غير الطبيعية.

وفي ذلك الوقت لم يهتم الناس بشراء أعماله, فاضطر إلى الاستدانة. وعندما مرض وأصبح فقيراً غارقاً بالديون, قرر أن يسافر إلى جزيرة تاهيتي في البحار الجنوبية هرباً من (المدنية الأوربية وكل ما هو مصطنع وتقليدي) كما قال. لكن مشاكله لحقت به وأثرت كثيراً على لوحاته. عاد إلى باريس وعرض أعماله هناك, لكن المعرض كان فاشلاً وخاب أمله, فذهب إلى كوبنهاجن لزيارة زوجته وأولاده للمرة الأخيرة, ثم عاد إلى الجزر في البحار الجنوبية لقضاء ما تبقى من عمره فيها. أقام أولاً في تاهيتي, ثم في جزر الماركيز حيث تأثر بالمواضيع الاستوائية وأصبحت رسومه أكثر قوة, وصار الموضوع أكثر وضوحاً والأحجام أكبر, أما طريقته في الرسم فصارت أكثر تبسيطاً, وبذلك انقلب على الطريقة الانطباعية في الرسم وابتكر طريقة (ما بعد الانطباعية) التي تعتمد على الفهم العاطفي للشكل واللون والرسوم. تفاوتت مواضيعه من مشاهد الحياة العادية مثل لوحة (نساء من تاهيتي) إلى مواضيع الخوف الأسطوري والخوف الخرافي, أما لوحته الأكثر شهرة فكانت تحت عنوان (من أين أتينا? مَن نحن? إلى أين نحن ذاهبون?) أخيراً أتاه تاجر لوحات فرنسي وصار يشتري منه اللوحات, وبذلك استطاع أن يؤمن القليل من المال إلى آخر أيامه. وبعدما اشتدّ عليه المرض مات في جزر الماركيز في 8 مايو سنة 1903 وكان في الخامسة والخمسين من عمره.

رحل هذا الفنان الذي عانى الكثير, وأشقى عائلته بسبب حبّه للرسم. أما التقدير فأتاه بعد وفاته عن طريق تأثر أكثر من حركة فنية بأسلوبه, وصارت لوحاته تباع الآن بأسعار عالية جداً وتعرض في معظم المتاحف الكبار في العالم.

 


 

نهى طبارة