ارسم ولون واعرف

ارسم ولون واعرف

الفنان.. الأب.. المعلم.. حسين بكار

عندما كنت صغيرا في مثل سنكم, كانت مجلتي المفضلة هي مجلة (سندباد) مثل مجلة (العربي الصغير) الآن. وكان الرسام الأول فيها هو الفنان الكبير حسين بيكار.. ومن خطوطه الجميلة وألوانه البسيطة المعبرة.. أحببت الفن.. فكان بيكار بالنسبة لي هو الأب والمعلم في طريقي لتعلم الفنون الجميلة.. وهو في الحقيقة أب ومعلم لمعظم الأجيال التي جاءت من بعده.. يعلمها ويوجهها إلى طريق الفن الصحيح, وإلى السلوك الإنساني القويم, فالفن والأخلاق مرتبطان عند بيكار, فكما أن الفن جميل, فلابد أن يكون للفنان أخلاق جميلة أيضا.

لذلك استحق بيكار (87 عاماً) أكبر الجوائز في العالم العربي, ونال التقدير والاحترام من الجميع, ليس كفنان رائد في مجال رسوم الأطفال, والعديد من المجالات الفنية الأخرى, ولكن لأنه معلم وأب حنون لكل الفنانين العرب.

وقد رسم بيكار لنفسه هذه اللوحة عام 1981, وهو واحد من أبرع فناني رسم الوجوه (البورتريه) وكثير من الفنانين يرسمون أنفسهم, وذلك بأن يقف الفنان أمام المرآة التي تعكس صورة وجهه فيسجلها بالفرشاة والألوان على لــوحة الرسم, فهل تستطيع يا صديقي الفنان الصغير, بعد أن تلون وجه الفنان الكبير بيكار, أن تقف أمام المرآة وترسم وجهك في كراسة الرسم بخطوط بسيطة ومعبرة مثلما فعل بيكار? واعتمد بيكار في إبراز ملامحه على علاقة الظل والنور فوق وجهه, ثم رسم خلفه الأهرام ووضع قضبانا كأنه يريد أن يقول: سأظل حبيس بلدي التي أحبها وأعبر عنها في رسومي ولوحاتي, التي تسافر نيابة عني إلى كل البلاد العربية.

تذكر يا صديقي العزيز أن الفنان مهما كبر في السن يظل داخله ذلك الطفل الصغير الذي كان, والذي اجتهد ليحقق أمنيته في أن يصبح فنانا عندما يكبر, وهذا ما فعله بيكار, وما يفعله أي محب للفن, وما تفعله أنت إن شاء الله.

 


 

عصمت داوستاشي





وجه الفنان حسين بيكار بريشته، رسمها عام 1981 بالالوان الزيتية على قماش