الاسلام حضارة

الاسلام حضارة

منارات

حدث ذات ليلة

بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم نائماً في المسجد الحرام, إذ جاءه جبريل عليه السلام ومعه البُراق - وهو دابة بيضاء برّاقة لها لمعان - فركبها النبي صلى الله عليه وسلم, وكان البراق يضع رجليه حيث ينتهي بصره, فقطع المسافات الشاسعة في لحظات, وعندما وصل بيت المقدس صلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه ركعتين تحية المسجد, ثم أُتي بالمعراج - وهو مثل السلم له درجات يرقى عليها - وكان جبريل عليه السلام يستأذن له بالدخول من ملائكة كل سماء فيأذنون له ويرحّبون به, وقد رأى في السماء الأولى آدم, وفي الثانية يحيى وعيسى بن مريم, وفي الثالثة يوسف, وفي الرابعة إدريس, وفي الخامسة هارون, وفي السادسة موسى, وفي السابعة إبراهيم عليهم الصلاة والسلام جميعاً. وقد رأى إبراهيم صلى الله عليه وسلم مسنداً ظهره إلى البيت المعمور - وهو مثل الكعبة يدخله كل يوم سبعون ألف مَلَك لا يعودون إليه أبداً - ثم ذُهِب به إلى سدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وثمارها كالقِلال (جمع قُلة وهي الوعاء المعروف).

وهناك رأى جبريل عليه السلام على صورته الحقيقية له ستون ألف جناح. ثم تغشَّت السدرة أنوار الرب جل وعلا, فأوحى إليه ما أوحى وفرض على المسلمين خمسين صلاة في اليوم والليلة ولكن الله سبحانه خففها إلى خمس صلوات وجعل أجرها بخمسين صلاة. وقد رأى الجنة والنار, وشاهد بعض عقوبات الكفر والمعاصي ورأى نعيم الجنة. ثم هبط النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى إلى المسجد الأقصى وهناك اجتمع بالأنبياء صلى الله عليهم وسلم, وعندما أقيمت الصلاة قدّم جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى إماماً وهم خلفه. ثم رجع إلى مكة في تلك الليلة, فلما أصبح ذهب إلى مجلس قريش فأخبرهم فاستعظموا ذلك وكذبوه وارتد بعض من آمن من ضعاف القلوب.

وأخبر أناس أبا بكر رضي الله عنه فقال: إن كان قال ذلك فقد صدق. قالوا: أتصدّقه على ذلك? قال: إني لأُصدّقه على أبعد من ذلك. فسمِّيَ من ذلك اليوم بالصِّدِّيق. وطلب كفار قريش من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصف لهم بيت المقدس فقد كان فيهم من رآه, أما الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يكن رآه قبل ذلك, فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يصفه باباً باباً, وموضعاً موضعاً. فقالوا: أخبرنا عن القافلة القادمة من بلاد الشام. وكان قد رآها في الطريق وهو على البراق, فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالها وقال: تقدُم يوم كذا مع طلوع الشمس يتقدّمها جمل أورق (رمادي).

فخرجوا في ذلك اليوم خارج مكة, فبينما هم ينتظرون إذ قال قائل منهم: هذه الشمس قد أشرقت! فقال آخر: وهذه واللّه القافلة قد أقبلت يتقدمها الجمل الأورق كما قال محمد!. فلم يزدهم ذلك إلا كِبرا وعناداً.

وفي صبيحة ليلة الإسراء جاء جبريل عليه السلام وعلّم النبي صلى الله عليه وسلم كيفية الصلاة وأوقاتها...

فهذه قصة الإسراء والمعراج التي جعلها اللّه آية ومعجزة لنبيه صلى الله عليه وسلم تدل على فضله وعظيم شرفه, ونحن يجب علينا أن نستشعر هذا الفضل وهذه المكانة للنبي صلى الله عليه وسلم فنحرص على طاعته والاقتداء بسنته.

مساجد لها تاريخ

المسجد الأقصى

المسجد الأقصى أول قبلة صلى إليها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم, وإليه أُسرِي به, ومنه عُرِج به إلى السماء. وهو ثاني مسجد بُني في الأرض بعد المسجد الحرام. وقد تعاهده الأنبياء بالعمارة. ولما فتح المسلمون القدس العام 15هـ, أمر عمر رضي اللّه عنه ببناء مسجد الحرم القدسي, غير بعيد عن موضع الصخرة. وقد اهتم الخلفاء والأمراء بالمسجد, وأشهرهم الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك الذي قام بتجديد بنيانه. وقد تهدّم البناء مرات عديدة بسبب الزلازل, وكان يعاد بناؤه في كل مرة. وفي سنة 426هـ (1035م) أُعيد بناؤه بأمر من الخليفة العُبيدي الظاهر, ولكن جزءاً كبيراً من هذا البناء قد ذهب أثناء الحروب الصليبية, وما زال المسجد يحتفظ بهذه الهيئة تقريبا. وقد رُمم وأعيد بناء الكثير من أجزائه أيام المماليك والعثمانيين. وقد كانت عناية العثمانيين به كبيرة جداً, وإليهم يرجع الفضل بما يمتاز به المسجد اليوم من بهاء.

ويقع المسجد في الحي القديم من مدينة القدس وتحيط به ساحة مستطيلة الشكل تقريباً محاطة بسور قديم تتخلله عشرة أبواب مفتوحة وأربعة مغلقة. وفي منتصف الساحة تقريباً يقع مسجد قبة الصخرة. بينما يقع في الركن الجنوبي منها البناء الذي يطلق عليه المسجد الأقصى والذي يبلغ طوله (80م) وعرضه (55م). ويوجد داخل الساحة متحف إسلامي وبعض أسبلة الماء, مثل سبيل قايتباي (السلطان المملوكي), وللمسجد عدد من القباب, وتعلوه ثلاث مآذن.

وفي العام 492هـ (1099م), احتل الصليبيون القدس, فبقي الأقصى أسيراً مدة إحدى وتسعين سنة, حتى خلّصه البطل صلاح الدين الأيوبي سنة 583هـ (1187م). والمسجد اليوم أسير بيد اليهود منذ سنة 1388هـ (1967م), وقد تعرض لاعتداءات عديدة من قبل اليهود. مثل: الحفريات المستمرة للبحث عن الهيكل المزعوم. والمحاولات المتكررة لنسف المسجد وإحراقه, كما حصل في العام 1388هـ (1969). وقد أتت النيران على أثاث المسجد وجدرانه وعلى المنبر الذي أحضره صلاح الدين حين فتح القدس... اللهم خلّص الأقصى من قبضة اليهود.

بناة الحضارة

ابن خلدون (732 - 808هـ)

ولي الدين عبد الرحمن بن محمد بن خلدون - وخلدون أحد أجداده - وهو من أسرة حضرمية الأصل من عرب اليمن, استقرت في الأندلس لكنها نزحت منها إلى تونس, حيث وُلِدَ ابن خلدون. وتلقى ابن خلدون العلم على يد مشاهير علماء عصره, لكن طاعوناً اجتاح بلاد تونس فتكَ بالكثير من سكانها, وكان والداه وأكثر أساتذته ممن صرعهم الطاعون. فبدأ ابن خلدون بالتنقل والترحال ودخل غمار السياسة. وفي العام 776هـ أُتيحت له فترة طيبة للتفرغ في إحدى قلاع المغرب الأوسط والجزائر لمدة أربع سنوات أتمّ خلالها تأليف تاريخه الكبير المسمى (كتاب العبر, وديوان المبتدأ والخبر, في أيام العرب والعجم والبربر, ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر). وقد اشتهرت مقدمة الكتاب, والتي يستعرض فيها مختلف المناحي الاجتماعية والأدبية والفكرية.. وتعد هذه المقدمة فتحاً في مجال الفكر الإسلامي. وأكثر المصطلحات التي نعرفها اليوم - والتي أُطلقت على العلوم الإنسانية - كعلم الحضارات وفلسفة التاريخ وعلم الاقتصاد السياسي والجغرافيا وعلم التربية ما هي إلا ترجمة وتفريع واستنباط مما ورد في مقدمة ابن خلدون. ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع وفلسفة التاريخ.

آداب إسلامية

آداب يوم الجمعة

يوم الجمعة يوم عظيم اختص اللّه به هذه الأمة فضلاً منه ونعمة, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة, فيه خُلق آدم وفيه أُدخل الجنة, وفيه أخرج منها

وهذه بعض آداب هذا اليوم العظيم:

1 - التزيّن: بالاغتسال وتنظيف البدن وقص الأظفار, واستعمال السواك والتطيب ولبس أحسن الثياب.

2 - التبكير لصلاة الجمعة, والسعي إليها عند سماع الأذان.

3 - عدم تخطي رقاب الناس من أجل التقدّم للصفوف الأمامية, وعدم التفريق بين شخصين.

4 - قراءة سورة الكهف.

5 - الإنصات لخطبة الإمام, وهذا من الآداب الواجبة.. والإخلال به يضيع على المسلم ثواب الجمعة.

6 - الابتعاد عن كل ما يؤذي المصلين أو يشغلهم عن الإنصات للخطبة.

7 - الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

8 - الإكثار من الدعاء وتحري ساعة الإجابة, وهي ساعة لا يوافقها عبد مسلم يدعو اللّه إلا استجاب له.

منوعات:

السيرة النبوية لابن هشام

هذا الكتاب عمدة في السيرة النبوية, وكل من جاء بعده يُكثر من النقل منه. ومؤلفه عالم جليل في هذا المجال وهو أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الذهلي, وقد ولد هذا العالم في البصرة ونشأ فيها ثم رحل في طلب العلم, حتى استقر في مصر ومات بها سنة 218هـ. وأصل الكتاب من تأليف محمد بن إسحاق, لكن ابن هشام اعتنى به وهذّبه وحذف منه ما ليس له علاقة بالسيرة النبوية, وزاد عليه ما رأى أنه يتمم الفائدة, وفسّر الألفاظ الغريبة, وقرن بين وقائع السيرة وما جاء في الكتاب والسنّة.

 


 

فرج الظفيري