الفتى ذو الأحلام الزرقاء

الفتى ذو الأحلام الزرقاء

رسوم: تيلين حسونة


كان هناك فتى اسمه (إيهاب), وكان يحب البحر.


منذ الصغر وإيهاب يعشق النظر إلى هذا المحيط الأزرق الكبير, يذهب إليه كلما سنحت له فرصة, مع أخته أو مع والديه, يقف على الشاطيء, ويترك عينيه تسافران مع أمواجه الزرقاء.


أمس, نظر إيهاب إلى البحر, وكان هادئا وصافياً, فوجده أكثر زرقة من ذي قبل, كأنما هو مرآة ينعكس عليها لون السماء. رفع إيهاب رأسه إلى السماء, وكانت لا تعكر صفوها الغيوم, فوجدها زرقاء أيضا, كأنما ينعكس في صفحتها لون البحر.


عاد إيهاب في المساء إلى المنزل, ونظر إلى وجهه في المرآة, متأملا في عينيه الواسعتين الزرقاوين, اللتين ظهرتا له وكأنهما تحملان آثار لون البحر ولون السماء.


قال إيهاب في نفسه: لا شك في أن اللون الأزرق هو أجمل الألوان, وأضاف: إنه لون البحر ولون السماء ولون عيني. قال الفتى الصغير ذلك في نفسه, ثم أغمض جفنيه ونام.


رأى إيهاب في ما يرى النائم, أنه يقوم برحلة بحرية, على ظهر مركب, طُلي خشبه بطلاء أزرق, وأنه كان على صفحة الماء, وحده, يحرك المجداف, فيتقدم به المركب في هدوء, بين زرقة البحر وزرقة السماء, ورأى طيوراً بيضاء تقترب من المركب, ثم تبتعد عنه, لتذوب في زرقة السماء البعيدة, فردد في نفسه: لابد أنها النوارس البيضاء, طيور البحر التي طالما حدثتني أمي عنها.


أفاق إيهاب من نومه وقال لأمه: لقد حلمت أني مسافر في البحر على ظهر مركب أزرق, وكان كل شيء حولي يصطبغ بهذا اللون, فهل أنا وحدي, يا أمي, أرى البحر أزرق والسماء زرقاء, لأن عيني بهذا اللون? ضمته أمه إلى صدرها, وقالت له بحنان, وهي تضحك: كلا يا إيهاب, فالعيون السوداء أيضا ترى البحر أزرق, وترى السماء زرقاء. إن هذا اللون خلقه الله لنا يا ولدي, مثلما وضعه في عينيك الجميلتين الزرقاوين. قالت له أمه ذلك, بينما كان هو يطبق جفنيه قليلاً قليلا, ويعود إلى نومه الهاديء اللذيذ.

 

 


 

محمد علي شمس الدين