تشايكوفسكي.. مؤلف موسيقى بحيرة البجع

تشايكوفسكي.. مؤلف موسيقى بحيرة البجع

بيتر الليتش تشايكوفسكي مؤلف موسيقي روسي. ولد سنة 1840, يختلف عن معظم الموسيقيين العالميين الكبار بأنه لم يأت من عائلة تضم موسيقيين محترفين, فقد كان أبوه مهندس مناجم ومديراً لصناعة المعادن, وكانت أمه ابنة مهاجر فرنسي, وقد يكون ذلك هو السبب في حبه للموسيقى الفرنسية.


كان في الرابعة من عمره عندما سمع والده يقول لأمه بأن أخته (ألكسندرا) التي كانت في الشهر التاسع عشر من عمرها فقط وأخاه الأصغر قد ألفا أغنية (ماما في بيترسبورغ) فحاول هو أن يؤلف شيئاً, خصوصاً بعدما بدأ بدراسة العزف على البيانو في السنة التالية. كان لأخيه الأكبر مربية اهتمت بتشجيع تشايكوفسكي على كتابة الشعر باللغة الفرنسية, واللغة الألمانية, لكن سماعه للموسيقى الكلاسيكية في البيت, ومنها موسيقى لشوبان وموزار جعله يحلم بأن يكون موسيقيا وليس كاتباً. عندما انتقلت العائلة للسكن في مدينة سانت بيترسبورغ تابع دراسة العزف على البيانو, لكنه لم يلبث أن انقطع عن تلك الدروس بسبب اصابته بالحصبة, واضطراره للبقاء في الفراش لمدة ستة اشهر. فيما بعد أرسله والده إلى مدرسة داخلية, فتأثر كثيراً لفراق أمه, حيث قضى تسع سنوات في تلك المدرسة. وعندما تم الرابعة عشرة من عمره ماتت أمه فحزن كثيرا لموتها.فانصرف إلى دراسة الموسيقى, وكتب مقطوعات فالس وفكر بكتابة الأوبرا, كما درس الغناء. عندما تخرج من المدرسة عين موظفا في وزارة العدل, ولأن والده لم يعد قادراً على إعالته, كان عليه أن يضع جانبا أمنيته بأن يصبح موسيقارا.


مرت الأيام وحبه للموسيقى يزداد, ودفعه هذا إلى ترك الوظيفة والانصراف كلياً لدراسة الموسيقى, وشجعه والده على ذلك لأنه كان مؤمناً بعبقرية ابنه. تزوج والده مجدداً ورزق بتوأمين أحبهما تشايكوفسكي كثيراً.


بعد تخرجه من الأكاديمية عين أستاذا للموسيقى في الكونسرفاتوار الروسي, وهناك أعجب بمغنية شابة وأراد الزواج منها لكن والدتها رفضت ذلك وبعدما تزوجت الشابة من رجل آخر, حزن تشايكوفسكي كثيراً ولم يفكر بالزواج مجدداً.


في صيف 1871 كان تشايكوفسكي قد أصبح في الواحدة والثلاثين من عمره وكان قد ذهب إلى بلدة (كامنكا) في ريف أوكرانيا لقضاء العطلة مع أخته المتزوجة (ألكسندرا). ولتسلية مجموعة من أولاد وبنات أعمامه وأصدقائهم الصغار, كتب باليه للأولاد, ارتكز فيها على اسطورة بحيرة البجع Swan Lake التي تحكي عن أميرة جميلة اسمها (أوديت) حولتها الساحرة الشريرة إلى بجعة في النهار وكانت تعيدها أميرة جميلة في الليل. في إحدى الليالي التقت بالأمير (سيغفريد) الذي أحبها وحاول إزالة السحر عنها بقتل الساحرة الشريرة, لكن السحر لم يزل عن الأميرة, فيأست وأغرقت نفسها في البحيرة, وفيها التقت بالأمير في جنة مائية, وكانت حوريات الماء يهتممن بهما ويسبحن حولهما.


أحب أقرباء تشايكوفسكي الصغار موسيقى بحيرة البجع كثيراً ورقصوا عليها. بعد ثلاث سنوات, عمل على تطويرها وجعلها باليه للكبار لمسرح البولشوي الشهير في مدينة موسكو, وفي نفس الوقت كان يؤلف سمفونيته الثالثة. استقبل الناس باليه بحيرة البجع بالإعجاب والتقدير, خصوصا أن اداء الراقصين بالإضافة إلى الديكور كان رائعاً. لكن النقاد من أصحاب الأفكار الخاطئة قالوا إن تشايكوفسكي يكتب الباليه مثل السمفونية, ويكتب السمفونية مثل الباليه, فحزن تشايكوفسكي وقرر أن يعيد كتابة بحيرة البجع, لكن لحسن حظ بحيرة البجع لم يجد الوقت لذلك, لأنها رائعة ولن تكون أفضل مما هي عليه. ولا تزال تلك الباليه إلى يومنا هذا تلقى الإعجاب وترقص على أنغامها أفضل فرق الباليه في العالم, ويستمتع بها الناس, خصوصا أنها تحتوي على مقطوعات موسيقية لرقصات شعبية من عدة بلدان: إسبانيا, هنغاريا, بولونيا, ونابولي الإيطالية أيضاً, وهذا يدل على مدى براعة تشايكوفسكي في الخلق الموسيقي المليء بالمشاعر والجمال. أحيانا نستمع إلى مقاطع منها في بعض أفلام الكرتون, ومنذ سنوات شاهدنا على شاشة التلفزيون فيلماً من إخراج ديزني عن طيور البجع, فيه تنسيق وتناغم بين موسيقى بحيرة البجع وحركة الطيور بطريقة رائعة جداً.


مــرض تشايكوفسكي بعدمـــا شــرب ماءً ملوثاً. فمات سنـة 1893 وكان فــي الثالثـة والخمسين من عمــره, تاركاً العديـــد من الروائع الموسيقية الخالدة.

 


 

نهى طبارة حمود