العالم يتقدم


العالم يتقدم

إنفلوانزا الطيور وباء يجتاح العالم

لابد أنك عانيت ذات يوم من مرض الإنفلونزا, وشعرت بأعراضه من ارتفاع في درجة الحرارة وصداع والتهاب الحلق وسعال. فهل تتصور أن الطيور أيضًا تصاب بالإنفلونزا?

إن إنفلونزا الطيور - التي تسمع عنها كثيرًا هذه الأيام - مرض معد يسببه فيروس. والفيروسات هي كائنات دقيقة جدًا, لا تُرى إلا بالمجهر الإلكتروني الذي يكبّر الأشياء مئات الألوف من المرات. ومع هذا فإنها تسبب الكثير من الأمراض للإنسان والحيوان والنبات. وتعيش الفيروسات متطفلة لا تتكاثر إلا داخل الخلايا الحية, بعد أن تخترقها.

ولكن ما الذي يأتي إلينا بفيروسات إنفلونزا الطيور?

تحمل الطيور البرية فيروسات إنفلونزا الطيور في أمعائها, أثناء رحلات هجرتها إلى كل أنحاء العالم, ولكنها لا تمرض عادة منها, بل تنقلها إلى الطيور الداجنة - التي تُربى في بيئة معينة للاستفادة منها - مثل الدجاج والبط والديوك الرومية وغيرها. مما قد يؤدي إلى نفوقها, وفيروسات إنفلونزا الطيور لا تصيب الإنسان عادة, غير أن حالات كثيرة لعدوى الإنسان حدثت منذ عام 1997 وحتى الوقت الحاضر.

وعمومًا فهناك أنواع عدة من فيروسات الإنفلونزا هي (أ), (ب), (جـ), وتعد الفيروسات (أ) أخطر هذه الأنواع, وهي تنقسم إلى أنواع فرعية .

وتعتمد أعراض إنفلونزا الطيور على نوع الفيروس المسبب للعدوى بها. ويطلق على فيروس إنفلونزا الطيور الأكثر شراسة (H5-N1), وهو الأشد خطورة لأنه يتمكن من اختراق الخلية والتكاثر داخلها, وإطلاق فيروسات جديدة منها, مما يزيد من أعراض المرض, وتقوم الطيور المصابة بالمرض, بنشر فيروس الإنفلونزا من لعابها وإفرازاتها, مما يؤدي إلى إصابة الطيور الأخرى, ومن ثم الإنسان عند ملامسته لهذه الإفرازات الملوثة أو أسطحًا تلوثت بها, يجب على الناس تجنب ملامسة الطيور المصابة بالمرض - الذي يظهر على شكل قروح وبقع حمراء وردية في جسم الطائر - أو الأسطح الملوثة ببقايا الطائر المصاب, كما أن عليهم توخي الحذر عند الإمساك بالطيور الداجنة وطهيها.

وقد انتشرت إنفلونزا الطيور في أواخر عام 2003 وحتى الآن في الطيور الداجنة في عدد من الدول الآسيوية مثل كمبوديا والصين وإندونيسيا واليابان ولاوس وكوريا الجنوبية وتايلاند وفيتنام. وأحد أسباب هذا الانتشار هو حرص مواطني هذه الدول على تربية الطيور الداجنة في شرفات وأسطح المنازل, مما يعرضها للاختلاط بالطيور البرية المهاجرة, ومن ثم الإصابة بمرض إنفلونزا الطيور.

ولكن ماالذي قدمه العلم للوقاية من وباء إنفلونزا الطيور?

لا يمكن لأي إنسان التنبؤ بوقت حدوث وباء إنفلونزا الطيور, ولهذا يعكف الخبراء والباحثون في جميع أنحاء العالم على مراقبة موقف الفيروس (H5-N1) في آسيا وبعض الدول الأوربية - التي ظهرت بها إصابات بالمرض مثل رومانيا وتركيا - وذلك لابتكار اللقاحات اللازمة للقضاء على مرض إنفلونزا الطيور, لو حدث - لا قدر الله - انتشار الفيروس وعلى نطاق واسع بين البشر في جميع أنحاء العالم, وهناك بالفعل دراسات بحثية لاختبار لقاح لحماية الناس من الإصابة بهذا الفيروس (المراوغ) الخطير, الذي اتضح أن لديه قدرة على مقاومة معظم العقاقير, التي تستخدم حاليًا للعلاج من الإنفلونزا وكذلك تلك المضادة للفيروسات.

وفترة حضانة هذا الفيروس (أي الفترة ما بين الإصابة وظهور أعراض المرض) تبلغ من ثلاثة إلى خمسة أيام. ومنذ يناير عام 2004, حدثت معظم حالات إصابة البشر بفيروس إنفلونزا الطيور في جنوب شرق آسيا, وتم الإبلاغ عن حوالي مائة وعشرين حالة إصابة بالمرض, وثبت في كل تلك الحالات أن العدوى بالفيروس, جاءت من الدجاج المصاب, والغريب أن البط يمكن أن يحمل فيروس إنفلونزا الطيور, دون أن يصاب بالمرض, ومن ثم ينقل المرض ولكن لا تظهر عليه أعراضه, أي أن البط (مخزن صامت) للفيروس (H5-N1).

ولكن كيف يمكن تجنب مرض إنفلونزا الطيور?

اتضح أن الفيروس (H5-N1) حسّاس للحرارة, أي أن درجة حرارة تبلغ سبعين درجة مئوية - وهي الحرارة العادية للطهي - يمكن أن تقتل الفيروس. ولكن على الأشخاص الذين يطهون الطيور الداجنة, أن يتأكدوا من أن كل جسم الطائر قد تعرض لنيران الطهي, وأنه لا توجد قروح أو بقع حمراء وردية في أي مكان بالجسم.

أما بالنسبة للبيض, فيجب التأكد من طهيه جيدًا, وألا يكون المُحّ (صفار البيض) في حال سائلة, وأن تنظف الأسطح الملوثة بمواد مطهرة وأن تغسل الأيدي جيدًا بالماء الساخن والصابون.

 

 


 

رءوف وصفي