محظوظ

محظوظ

كان في قديم الزمان مملكة يسكنها ملك وسيم, وملكة جميلة, وكانت الملكة تحمل جنيناً, وكان الناس يعتقدون أن الطفل الذي ستلده الملكة سيكون أسطورة في جماله, ولكن يا للعجب بعد ولادة الملكة جاء الملك وكثير من الرعية المقرّبين ليكتشفوا أن الطفل في منتهى القبح.


ذهل الجميع من هذا المنظر, وكانت الملكة تبكي بحرقة حتى تذكرت كلمات الساحرة الطيبة التي كانت واقفة معها أثناء الولادة, قالت الساحرة: لا تحزني, إنه بشع فعلاً ولكنه طيب القلب, وسيكون من أذكى الناس على وجه الأرض, بعدما تذكرت الملكة هذا الحوار مسحت دموعها, ثم ابتسمت في وجه الملك وقالت: سأسمّيه محظوظ.


كبر محظوط حتى بلغ التاسعة من عمره, كان طفلاً مميزاً يلفت الأنظار, قد يستقبحه الناس من النظرة الأولى لكنهم سرعان ما يلتفون حوله ليستمتعوا بحديثه الشائق, سبحان الله, لقد سلب الله الجمال من هذا الشاب وأعطاه نعمة الذكاء, وليس هذا فقط, ولكن أعطاه ميزة خاصة لا يستمتع بها أحد غيره وهي أن يجعل الغبي ذكياً. مضت بضعة أيام أنجبت ملكة بلاد مجاورة طفلتين توأم إحداهما فتاة جميلة ولكن كانت قليلة الذكاء والأخرى فتاة قبيحة ولكنها كانت شديدة الذكاء, ونجد حكمة الله تارة أخرى في أنه سبحانه وتعالى جعل هذه الفتاة قليلة الذكاء تجعل الشخص جميلاً مثلها.


ظهرت الساحرة الطيبة للملكة (أم الفتاتين) وصارت تبكي الملكة بكاء شديداً وترجو الساحرة بأن تأخذ من جمال ابنتها الأولى وتعطيه للثانية, وتأخذ من ذكاء ابنتها الثانية وتعطيه للأولى, ولكن الساحرة الطيبة هزّت رأسها وقالت: لا أستطيع ذلك, ولكن ابنتك الصغيرة تستطيع أن تمنح الجمال للإنسان الذي تحبه.


مرت الأيام وكبرت الفتاتان, وكانت الفتاة الجميلة تزداد جمالاًً, وتزداد غباء, أما أختها الصغرى فكانت تزداد قبحاً وتزداد ذكاء, فإذا أقيمت حفلة ما فإن الشبان ينبهرون بجمال البنت الكبرى من النظرة الأولى, ولكنهم سرعان ما ينفضون عنها ليلتفوا حول أختها الصغرى ناسين قبح وجهها ومسرورين لحسن حديثها وشدة ذكائها, وكانت الأخت الكبرى تتمنى في أعماق قلبها أن تكون قبيحة أكثر من أختها, وفي المقابل أن تأخذ شيئاً من ذكائها.


ذهبت الفتاة إلى الغابة وهي تبكي, وكات حزينة جداً بسبب غبائها الشديد, فرآها الأمير الذكي وقال لها: لماذا هذا البكاء أيتها الجميلة? فقالت له: ما فائدة هذا الجمال دون ذكاء, فإني أزعج الناس بغبائي هذا. فقال لها: لا تقولي هذا, أنت لست غبية, أنت طيبة القلب وجميلة, فأنا أستطيع أن أمنحك الذكاء. فدُهشت الفتاة وفي وجهها رسم الفرح, وقالت: كيف أصبح ذكية فهذه أمنيتي, فأنا أتمنى أن أتنازل عن جمالي كله فقط لأكون ذكية. فقال لها: عندما ولدت جاءت ساحرة وقالت لأمي إذا أحب الأمير فتاة ستصبح ذكية مثله, فأنا أعجبت بك وأحببتك كثيراً فهل تقبلين الزواج مني? فخجلت الفتاة جداً لكنها بالداخل كانت سعيدة لأنها أعجبت بالأمير.


ووافقت الفتاة على الزواج من الأمير وهي مسرورة, وفاجأته بقولها إنها تستطيع أن تمنحه الجمال أيضاً, لأنه في مولدها أيضاً قالت الساحرة لأمها إنها قادرة على منح الجمال للإنسان الذي تحبه, فتم الزواج وهما في فرح وسرور.