جوهان شتراوس مؤلف موسيقي وقائد أوركسترا وعازف كمان نمساوي. ولد في مدينة فيينا عاصمة النمسا في 25 أكتوبر سنة 1825, كان الابن الأكبر في العائلة وحمل اسم والده جوهان الذي كان مؤلفاً موسيقياً وعازفاً شهيراً. كان جوهان الصغير في السادسة من عمره عندما ظهرت موهبته الموسيقية وألف مقطوعات موسيقية صغيرة, لكن الأب رفض أن يعلمه الموسيقى, خوفاً من أن يمارس ابنه مهنة الموسيقى عندما يكبر, لاعتقاده بأنها مهنة غير مضمونة وتعتمد على الحظ كونه من المجربين ويعايش هذه المهنة. وكانت الأم من الرأي نفسه, لكنها ساعدت جوهان على تلقي الدروس الموسيقية سراً, على يد قائد أوركسترا والده, لإعطاء ابنها فرصة لكي يظهر نبوغه فلم تشأ حرمانه مما يحب, فيما تابع الابن دراسته العادية لمدة سنوات ليعمل في البنك كما يريد والده, إلى أن حصل شيء غيّر مجرى حياته كلها, فقد ترك الأب البيت ليسكن في مكان آخر, وكانت تلك فرصة مناسبة لجوهان لكي يحقق ما يريد, خاصة أنه كان قد أصبح شاباً في السابعة عشرة من العمر, فعمل على تلقي دروس الموسيقى بانتظام, وبرع فيها لدرجة أنه استطاع الحصول على إذن رسمي بإقامة حفلات عامة, رغم أنه كان قاصراً. كما كان عليه أن يكافح بقوة, ولمدة سنوات عدة, لكي يكسب شهرة خاصة به وحده بعيداً عن شهرة والده. كان في التاسعة عشرة من عمره عندما ألف أوركسترا خاصة به من أربعة وعشرين عازفاً, وقدم حفلته الكبرى الأولى في أحد الكازينوهات عزف فيها ستة من مؤلفاته والباقي من مؤلفات والده الجديدة من نوع الفالس, كانت الحفلة ناجحة جداً ولاقى جوهان التشجيع الكبير, واضطر لإعادة عزف بعض المقطوعات تسع عشرة مرة بناء على طلب الجمهور, فأصبح بذلك المنافس الأول لوالده.

كان جوهان في الرابعة والعشرين من عمره عندما توفي والده, فانضمت أوركسترا والده إلى الأوركسترا الخاصة به, وأصبحت فرقة واحدة تحت قيادته. عُيّن جوهان شتراوس مديراً للكارنفال السنوي, أي لموسم الحفلات الراقصة السنوية في فيينا, كما دعي لإقامة حفلاته في العديد من البلدان الأوربية, وسمي (ملك الفالس). ومما يميزه أنه كان يقف في كل حفلاته وسط الأوركسترا ويعزف على الكمان. دعي للاشتراك في المهرجان الدولي للسلام في مدينة بوسطن الأمريكية بعد انتهاء الحرب الفرنسية - البروسية, وهناك لاقى النجاح الكبير وأقام حفلات في مدينة نيويورك أيضاً, وفي السنة التالية ألف (فالسات المئوية) وأهداها إلى الشعب الأمريكي في الذكرى الأولى لاستقلال الولايات المتحدة. ألف العديد من الألحان الراقصة للمسرح أيضاً, ولم يلبث أن دخل شقيقاه جوزيف وإدوارد مجال التأليف الموسقي والعزف على الكمان, وبذلك سيطر الأخوة الثلاثة على الحفلات الموسيقية التي يقيمها النبلاء وغيرهم. بعد موت أخيه جوزيف, ترك جوهان إدارة الفرقة العائلية لأخيه إدوارد وانصرف لإقامة الحفلات في المدن الأوربية.

مات جوهان شتراوس في 3 يونيو سنة 1899 عن سبعة وستين عاماً, لكن موسيقاه بقيت خالدة إلى يومنا هذا, تلك الموسيقى المرحة الجميلة التي عكست روح الفترة المزدهرة في مملكة هابسبورج في النمسا, وعكست فرح العيش في تلك الفترة من القرن التاسع عشر في فيينا, ولايزال الناس إلى يومنا هذا يرقصون على أنغام (غابات فيينا) وغيرها من موسيقى الفالس التي تركها لهم العبقري جوهان شتراوس.