مايكل أنجلو

مايكل أنجلو

مايكل أنجلو بواناروتي نحات ورسام ومهندس معماري وشاعر. ولد في توسكانا الإيطالية في 6 مارس سنة 1475م. كان الثاني من بين خمسة إخوة, وكانت أمه مريضة لدرجة أنها لم تستطع أن ترضعه, فأرسل الطفل إلى مرضعة تنتمي إلى عائلة تعمل بقطع الأحجار. وقد قال فيما بعد: (رضعت أيضاً المهارة في استعمال المطرقة والإزميل). عندما أصبح في السادسة من عمره ماتت أمه, لكن قبل ذلك كانت طفولته حزينة ينقصها الحنان والعاطفة. فقد كان يحب السكوت إلا أنه كان يغضب بسرعة ويستعمل كلمات قاسية, وفسر البعض حبه للوحدة بعدم ثقته برفاقه, أو لأنه كان خجولاً. إلا إن والده كان يعرف مدى ذكائه, لذا أرسله إلى المدرسة ليتعلم القراءة والكتابة واللاتينية, وهناك أصبح صديقا لولد يكبره بست سنوات يدرس الرسم, فشجعه على أن يفعل مثله ليصبح فناناً. في ذلك الوقت كانت عائلته قد انتقلت للسكن في مدينة فلورنسا, وأصبح والد مايكل أنجلو موظفاً وعلى علاقة بعائلة مديسّي الحاكمة, وكان حريصاً على الاحتفاظ بالثروة الصغيرة المتبقية لعائلته, على أمل أن يتعلم ابنه لكي يصبح إما تاجراً, أو رجل أعمال, ويحافظ على مركز العائلة في المجتمع. لكن ما إن صار مايكل أنجلو في الثالثة عشرة من عمره حتى فاجأ والده وأغضبه كثيراً عندما رغب بدراسة الفن, فقال الأب غاضباً: (الفنانون هم عمال, وليسوا أحسن من صانعي الأحذية). لكنه لم يلبث أن أذعن لإرادة ابنه وإصراره على دراسة الفن.

بعد سنة من دراسة فن الفرسكو (الرسم بالألوان المائية على الجص الرّطب), درس مايكل أنجلو النحت في مدرسة حدائق مديسّي, ثم درس التشريح لكي يتقن رسم جسم الإنسان. وما إن بلغ السادسة عشرة حتى كان أسلوبه الشخصي يدل على مدى تفوّقه بالنسبة إلى عمره, حتى عندما أنهى منحوتة (العذراء والطفل) ووضعت في كنيسة نوتردام في (بروج) في بلجيكا, سمع أحد الناس يقول إنه من صنع فنان آخر, فغضب مايكل أنجلو كثيراً وجاء بالمطرقة والإزميل وحفر عليها اسمه, وتعتبر الوحيدة التي وقعها مايكل أنجلو من بين كل منحوتاته, لكنه ندم فيما بعد على ما فعل.

بعد موت حاكم فلورنسا لورنزو مديسّي, عمّت الفوضى السياسية البلد, فتركها مايكل أنجلو وذهب إلى روما وبقي فيها إلى أن هدأت الحال في فلورنسا وأصبحت جمهورية, وعاد إليها. كلّف بصنع تمثال (داوود) كموضوع ديني من الكتاب المقدس, لكنه أراد أن يحوّل التمثال من موضوع ديني إلى موضوع وطني, لذا نحت داوود على شكل شاب رياضي قوي كبطل وطني, يمسك بيده حجراً ويبدو جاهزاً لكي يضرب به. أراد مايكل أنجلو أن يكون تمثاله حافزاً لأهالي فلورنسا ليحرّكهم للدفاع عن مدينتهم التي كانت دوماً مهددة. كان التمثال رائع الدقة والجمال, وبدا كشخص حقيقي جداً, وحتى عروق يديه كانت ظاهرة, ويقال إن مايكل أنجلو عندما انتهى من صنعه كان فخوراً به لدرجة أنه طرق عليه قائلاً: (تكلم), وعنى بذلك أن التمثال لا ينقصه سوى الكلام لكي يصبح حقيقياً. أما العمل الآخر في روما فكان عندما كلفه بابا روما رسم سقف كنيسة السيستين, فترك النحت وتفرّغ لرسمها مدة ثلاث سنوات, وأعطي الحرية في الرسم, فقطّع السقف إلى تسعة مستطيلات, رسم فيها قصة الإنسان منذ خلقه إلى طرده من الجنة, إلى تنظيم الكون وغيرها من تلك المواضيع الدينية من الكتاب المقدس, مستعملاً خياله الواسع وبراعته الفنية في الرسم. وبقيت إلى يومنا هذا الدليل الساطع على عبقرية ونبوغ مايكل أنجلو. ذلك الفنان المبدع الذي حصل على التقدير أثناء حياته, لكنه في المقابل عانى من تقلبات مزاج عائلة مديسّي في فلورنسا, ومن البابوية في روما, على حساب حياته الشخصية, لقاء رعايتهم له, لأنها كانت ضرورية لكل فنان في ذلك العصر.

مات مايكل أنجلو وكان عمره أكثر من سبعين سنة, ذلك الفنان الذي يعتبر الأعظم من بين فناني عصر النهضة وربما في كل العصور أيضاً, ولايزال الناس, إلى يومنا هذا يقصدون إيطاليا لرؤية روائعه الفنية الخالدة.

 


 

نهى طبارة





وجه التمثال "داوود"





مقطع من سقف كنيسة السيستين