مشاهير كتبوا للأطفال

مشاهير كتبوا للأطفال

الجاحظ وبخلاؤه

الجاحظ هو أبو عثمان عمرو بن بحر, كان قصير القامة, جهم الوجه, ولُقّب بالجاحظ لجحوظ عينيه أي نتوئهما.

لكنه كان خفيف الظل, حسن المعشر وظريف الحديث, لذلك كان القوم يقبلون على صداقته.

ولد الجاحظ في البصرة ونشأ طالباً المعرفة, لذلك كان يجلس في الجوامع مع أهل العلم من الشيوخ والأئمة, ويقال إنه كان يبيت في دكاكين الورّاقين وباعة الكتب ليغرف من بطون الكتب أناء الليل, كما يقال إنه كان فقيراً لذلك اضطر لبيع السمك الذي كان يصطاده من نهر سيحون بالبصرة.

رحل إلى بغداد لاحقاً, واطّلع على كل العلوم المعروفة في عصره, فاتسعت ثقافته في الدين والمنطق والطبيعيات والتاريخ والجغرافيا والسياسة والفلك والحيوان والنبات والموسيقى والغناء, فكان يلم بها, لكنه ليس على اختصاص متعمق بأي منها.

عمل مع الخليفة المأمون وصدّره كتّاب الرسائل, وكتب ما يقارب المائة كتاب أشهرها كتاب (البخلاء) الذي نروي فيما بعد قصتين منه يستسيغهما الأطفال.

أصيب (الجاحظ) بالفالج (الشلل النصفي) وتوفي في الثمانين من عمره, لكن بعض الروايات الهزلية تقول إن مجموعة كتبه لكثرتها سقطت عليه فقتلته.

أبو إسحاق وجاره

حدّثني أبو اسحاق قال: قلت مرة لجار كان لي من خراسان: أعرني مقلاكم فإني أحتاج إليه.

فأجاب: قد كان لي مقلى ولكنه سُرق.

فاستعرت من جار آخر لي, لكن الخراساني سمع نشيش اللحم في المقلى وشم رائحة الطهي فأتى غاضباً وقال: ما في الأرض أعجب منك, لو كنت أخبرتني أنك تريد المقلى للحم والشحم لوجدتني أسرع إليك به, إنما خشيت من أنك تريده لقلي البقول, وحديد المقلى يحترق مع المواد اليابسة.

لكنه أقرّ لأبي إسحاق نادماً: خسارتي ستكون كبيرة هذه الليلة.

ثم ضرب على رأسه متابعاً: لو أني أعرتك المقلى وقليت فيه هذا الرزق من اللحم والشحم لطلبت منك ألا تغسله, ولتعشيت من خيرات دسمه العالقة بحديده, وبكثير من الخبز.

الأعرابي والمروزي

يروى أن رجلاً من أهل مرو كان لايزال يحج ويتاجر وينزل على أعرابي, فيكرمه ويكفيه مئونته ويقول لذلك الأعرابي: ليتني قد رأيتك بمرو, حتى أكافئك لإحسانك.

لكن بعد دهر طويل عرضت لذلك الأعرابي حاجة في مرو فقصد ذلك المروزي.

فلما قدم نحوه في ثياب سفره وعمامته وقلنسوته وكسائه وكبّ عليه وعانقه تبدى للأعرابي أنه لم يعرفه, فقال في نفسه: لعلها تكون العمامة, فنزعها وجدّد التماسه, فوجده أشد انكاراً, قال: إذن لابد أنها القلنسوة, فانتزعها وانتسب إليه لكنه تمادى في الإنكار فلم يبق إزاء الأعرابي إلا أن يخلع كساءه, عندها بادره المروزي وقد علم بأنه لم يبق له ما يتحجج به!

والله لو خرجت من جلدك لن أعرفك.

 


 

نبيل أبو حمد