علاء والطريق

علاء والطريق

رسوم: عبدالعزيز تاعب

- استيقظ حتى لا تتأخر على المدرسة.

- آآه يا أمي, أنا أكره أول يوم في المدرسة.. آآه لن أنهض.

- علاء... قم واترك سريرك, وإلا سأغضب.

- عندما أكبر لن أذهب للمدرسة أبداً.

- أخيراً اغتسلت وارتديت ملابس المدرسة ومشّطت شعرك, أترى كم تبدو لطيفاً! هيا اجلس لتتناول إفطارك.

- أمي هل تحبينني فعلاً?

- علاء, إن حبك لا يمكن وصفه, أنت ولدي, وأرى الدنيا في ابتسامة عينيك.

- وأنا أحبك أيضاً. ترى هل مازال علي الذهاب للمدرسة?

- هيا احمل حقيبتك, واسرع بالنزول, ولكن كن حذراً وأنت تقطع الطريق, ولا تركض أثناء ذلك, ولا تكلّم أي غريب.

- أمي... أمي... آه... هل سأذهب وحدي? إن عمري 10 سنوات فقط.

- علاء, إنك بعمر جيد يسمح لك بالذهاب للمدرسة وحدك, ثم إن المدرسة لا تبعد كثيراً عن المنزل, لا عليك سوى عبور شارع واحد. سأراقبك من شباك المنزل, وسيكون وليد معك ستلاقيه في منتصف الطريق... هيا... انهض.

- أنا خائف... أرجوك سيري معي.

- بُنيّ إنك ولد كبير الآن, وقبل أن تسير في الطريق قل: (بسم الله, توكلت على اللـه, ولا حــول ولا قوة إلا بالله) وسيحفظك الله.

***

- صباح الخير يا علاء يا ولدي. هذا أول يوم لك وحدك للمدرسة أليس كذلك?

- نعم يا عم طاهر, أنا خائف جداً, لم يسبق لي عبور الشارع وحدي.

- يا ولدي, أنت رجل الآن, توكل على الله وتشجّع وعندما تصل للمدرسة ستشعر أن خوفك لا مبرر له, والله معك.

- آه... أمرك..

يا لوضعي السيئ... لم يجب علي فعل هذا! إنني حقاً خائف, لكن.. لحظة... ماذا قالت أمي? ماذا كان ذلك الدعاء? تذكرت: (بسم الله, توكلت على الله, ولا حول ولا قوة إلا بالله). هذه أول خطوة لي, لا أزال على الرصيف, وأمامي تقريباً 9 خطوات لأصل آخر الرصيف وأستعد لعبور الشارع, يبدو الرصيف أمامي طويلاً جداً, آه أمي, إنها تراقبني من الشباك لألوّح لها, إن ابتسامة أمي جميلة جداً وحنونة, لكنها الآن تبدو قلقة, ها قد وصلت للشارع, سأقف وأثبّت قدمي على الرصيف وأنتظر الفرصة الجيدة للعبور, السيارات تأتي في هذا الشارع من اليمين, إذن سأراقب يميني إلى أن يخلو الشارع من السيارات, أرجو ألا يطول انتظاري.

هذه السيدة المسنّة تحاول عبور الشارع مثلي, وتبدو مترددة مثلي أيضاً, همم, لم لا أساعدها في عبور الشارع, أمي قالت إنه يجب علينا مساعدة المحتاج, سأحاول... يجب ألا أتركها وأعبر, لربما أضرّها ترددها أو بطئها في العبور فيعرضها ذلك للخطر, ثم يمكنها أن تتكئ عليّ فيسهل سيرها.

- صباح الخير يا خالة.

- صباح الخير يا ولدي.

- دعيني أساعدك في العبور, أمسكي بيدي.

- جزاك الله خيراً.

- لننتظر حتى يخلو الشارع من السيارات, حسناً, الآن, أوه, هذه سيارة متجهة نحونا سأشير إليها بالوقوف فنحن في منتصف الشارع والسيدة بطيئة جدا, حسناً فعلت بمساعدتها لو تركتها لكنت وصلت للرصيف وهي لاتزال في منتصف الطريق.

- ها نحن وصلنا يا خالة.

- شكراً لك, هيا اذهب كي لا تتأخر على مدرستك.

- حسناً.

أين أمي? آه في الشباك, سأشير لها بانتصاري, عبرت يا أمي, عبرت, هه لم يكن ذلك صعباً, حتى أنني لم أشعر بأي خوف أو تردد.

الآن أين وليد? لابد أنه أمام بيته.

***

- علاء... صباح الخير.

- صباح الخير يا وليد.

- أرى أنك قد عبرت الشارع, وأنك سعيد بذلك.

- نعم, لقد كنت شجاعاً, إن قلبي لايزال يخفق بشدة, كان قلقي أكثر على تلك السيدة.

- ها ها ها... هيا بنا.. المدرسة بعد هذا المنعطف الآن.

- نعم هيا.. .أتعرف يا وليد أن الطريق إلى مدرستنا جميل جداً, ومألوف لديّ, إني أحبّه.

- شعرت بذلك الآن, لأنك انتبهت لما حولك, ففي السابق كنت تعتمد على والدتك, فلم تعر التفاصيل أي انتباه, هذا ما قاله لي أبي عندما عبرت الشارع أول مرة.

- نعم صحيح.

- ها, وصلنا للمدرسة, الكثير من أصدقائنا قد ساروا للمدرسة اليوم بأنفسهم, تماماً كما فعلت أنت?

- أجل, أعرف, وأنا سعيد بذلك, سأتبادل معهم قصة عبوري الشارع لأول مرة, إن هذا مثير فعلاً.

- حسناً, سأنتظرك بعد انتهاء المدرسة أمام الباب لنسير معاً في طريق العودة.

- موافق.

 

 


 

سنابل المسلم