واحة الفن الجميل

واحة الفن الجميل

بيتهوفن أشهر موسيقار في العالم

لودفيغ فان بيتهوفن Ludwig Van Beethoven موسيقار ألماني يعتبره الكثيرون أعظم مؤلف للموسيقى الكلاسيكية في العالم.

ولد بيتهوفن في مدينة بون الألمانية سنة 1770م. كان والده يعمل مغنياً في فرقة بلاط أمير بون, أما أمه فكانت ابنة طباخ, امرأة بسيطة ولا تفهم شيئاً في الموسيقى. رزقا بسبعة أطفال, لم يعش منهم إلا ثلاثة أبناء أكبرهم لودفيغ الذي حمل اسم جده, وكان الجدّ موسيقيا ومغنيا في بلاط أمير بون أيضا, وكان مثقفا وغنيّا يحترمه الناس كثيرا.

اهتم الأب بتعليم ابنه لودفيغ الصغير العزف على البيانو والكمان, ودفعه لكي يصبح طفلا نابغة كما كان الموسيقار موزار من قبله. عندما أصبح الصغير في الثامنة من العمر قدم أول عزف له أمام الناس. تابع التدريب على يد أشهر موسيقار وعازف أورغ في ذلك الوقت. ما إن بلغ السابعة عشرة من عمره حتى عيّن لودفيغ بيتهوفن موسيقياً في بلاط أمير بون, ثم أعطي إجازة غير محدودة لدراسة الموسيقى في مدينة فيينا عاصمة النمسا, مع الاستمرار بدفع راتبه دون انقطاع, وهناك حقق حلم حياته بالعزف أمام الموسيقار الشهير موزار الذي أعجب به وتنبأ له بمستقبل باهر. لكن بعد فترة اضطر للعودة إلى بون بسبب مرض أمه التي كان يحبها كثيراً. بعد موتها وجد بيتهوفن نفسه مع أب لا ينفع لعمل شيء بسبب إدمانه الكحول, وأخوين أصغر منه, فأصبح المسئول الوحيد عن إعالة أسرته.

قرر بيتهوفن فيما بعد أن ينتقل للسكن في فيينا حيث تلقى دروسا من الموسيقار الشهير (هايدن) وغيره من المشاهير.

موهبة بيتهوفن ومقدرته الفنية وبراعته بالابتكار أثناء العزف, أكسبته الكثير من إعجاب طبقة النبلاء الأغنياء, وتنافس الجميع لاستضافته في حفلاتهم, فأقام صداقات مع الكثير منهم وقدموا له المساعدة المالية والمسكن لكي يتفرّغ لتأليف الموسيقى, وهذا ما أراحه فازداد إبداعه, وبقي طوال حياته يعيش جزئياً على نفقة النبلاء وفي المقابل كان يقدم لهم بعض المقطوعات الموسيقية التي تحمل أسماءهم. إعجابه ببعض الفتيات من بناتهم كان ملهماً له لتأليف المقطوعات الجميلة, لكنه لم يتزوج.

في أعماله عكس بيتهوفن روح عصره وتفاعله مع الأحداث المهمة مثل الثورة الفرنسية وآمن بالحرية التي دعت إليها, وظهر ذلك في أعماله التي أصبحت عاصفة, فاتخذ التجديد اللافت في أعماله شكل نوتات جريئة وقوية تدهش الجميع لكنها تنسجم مع المقاطع الهادئة التي تتخلل أعماله.

ألف بيتهوفن تسع سمفونيات (السمفونيات هي مقطوعات موسيقية طويلة تعزفها الأوركسترا على عدة آلات موسيقية) بالإضافة إلى الأوبرا والسوناتا وغيرها. يقال إنه عندما انتهى من تأليف السمفونية الثالثة, وكانت الأولى من الأسلوب الجديد, أراد أن يهديها إلى القائد الفرنسي نابليون بونابارت, لكن عندما علم بأنه نصّب نفسه إمبراطورا غيّر رأيه قائلا إن نابليون سيدوس على حقوق الإنسان, وسيهتم فقط بطموحاته الشخصية, لذا أهدى السمفونية إلى الأمير الذي يرعاه ويقدّر موسيقاه.

شيء مؤسف جداً حصل لموسيقار كبير مثل بيتهوفن, فعندما كان شاباً في الثامنة والعشرين من عمره بدأ سمعه يضعف. أخفى ذلك عن الجميع وحتى عن أصدقائه الذين لم يشعروا بذلك إلا بعد أربعة عشر عاماً, وكانوا يظنّون أن عدم تجاوبه معهم سببه مزاجه وشرود فكره. لكن بيتهوفن لم ييأس بل تابع العمل وألّف ثماني سمفونيات في الوقت الذي كان سمعه يضعف أكثر فأكثر. أما السمفونية التاسعة فألّفها وهو أصمّ كلياً, اعتمد على مخيلته وإبداعه واستقبلها الناس في فيينا بالإعجاب والتقدير الهائل, وفيما كانت تُعزف وقف بيتهوفن على المسرح إلى جانب قائد الأوركسترا مديراً ظهره للجمهور. عند انتهاء الكورس من غناء المقطع الأخير, وقف الناس وصاروا يصفقون إعجابا بها وبمؤلفها العظيم الذي لم يسمع التصفيق, فاضطر أحد أفراد الكورس إلى شدّه من كمّ سترته وأداره ليواجه الناس وينحني لهم.

في السنوات الأخيرة من عمره استطاع بيتهوفن أن يدّخر بعض المال من أجل تربية ابن أخيه الذي توفي تاركاً ابنه كارل في التاسعة من عمره. لكن اهتمامه الزائد بالطفل وبجعله كما يريد هو أن يكون, جعل الطفل وأمه يقفان ضده, الشيء الذي أثّر على عمل بيتهوفن في تلك الفترة ولم يؤلف إلا القليل من الموسيقى.

مات بيتهوفن في 26 مارس 1827 وكان في السابعة والخمسين من عمره. شعر الناس بالخسارة الكبيرة لذلك العبقري, ومشى بجنازته عشرات الآلاف من الناس, وهذا لم يحصل لأي موسيقار من قبله.

 


 

نهى طبارة حمود