لا يـأس مـع الإرادة..

لا يـأس مـع الإرادة..

خرجنا إلى حديقة المدرسة في حصة العلوم, وتحلّقنا حول المعلمة منتبهات إليها تحدثنا عن مراحل حياة النبات, منذ أن يكون بذرة في الأرض وحتى يرتفع شامخاً محمّلا بالورق الأخضر والثمر الشهيّ, لفت انتباهنا خلال الحديث, صف طويل من النمل يشق طريقه الطويلة بداية من ثقب في تراب الأرض إلى حافة الحوض المعشبة في طرف الحديقة, كان أشبه بجيش جرّار يجيء محمّلاً بذرات غذائه ويدخل الجحر في نظام عجيب, ثم يرجع ليبدأ الرحلة مرات ومرات.

قالت المعلمة وهي تتابع معنا المشهد: يذكّرني النمل بحكاية من التاريخ البعيد: اشتهر القائد المغولي (تيمورلنك) بفتوحاته الواسعة في البلدان, وانتصاراته المتواصلة, وسيطرته على الممالك والأراضي, ولكن هذا الفاتح الجبار, هزم في إحدى معاركه واندحرت جيوشه, فارتدّ إلى معسكره وقد أظلمت الدنيا في وجهه وداخله يأس مرير وهو يردد: تيمورلنك يُهزم... محال...

وكان قد أخذ مجلسه في ظل شجرة, حين استغرقه الشرود والتفكير في أحداث المعركة الفاشلة حين رأى نملة تجر حبة قمح, وتحاول أن تتسلق صخرة صغيرة سدّت طريقها, كانت النملة تصعد جزءاً من الصخرة بحملها الثقيل, لكنها ما تلبث أن تسقط وتتدحرج الحبة أمامها, فتعود لتحملها ثانية وتواصل الصعود لتهوي من جديد, وظل ذلك دأبها مرات ومرات, وهي تكرر المحاولة بغير يأس, وبتصميم أقوى, حتى تمكنت أخيراً من بلوغ ذروة الصخرة واجتيازها للوصول إلى جحرها بأمان, كل هذا و (تيمورلنك) يراقب حركات النملة الصغيرة ومحاولاتها المستمرة وعنادها القوي, ليردد في نفسه: (إن هذه الحشرة الضئيلة علّمتني درساً عظيماً... علّمتني أن الحياة ليست نصراً كلها, وليست نجاحاً متواصلاً, وإنما هي عمل وسعي ومثابرة حتى نصل إلى الغايات التي نريدها).

وقام القائد متأهباً لجولة جديدة مع الأعداء, وحقق مرة أخرى انتصارات باهرة, خلّدته في التاريخ فاتحاً عظيماً.

كتبت في دفتر مذكراي اليوم: إن لكل عامل هفوة, ولكل مُجدّ كبوة, ولكن المهم أن يتعلم الإنسان من هفوته, وينهض لتحقيق أهدافه أكثر اندفاعاً وحماساً.

 

 


 

مرح مروان مراد