بيتنا الأرض

بيتنا الأرض

ضاحية الحدائق أقامت مهرجاناً للزهور, وشكّل مجلس إدارتها لجنة لانتخاب أجمل زهرة تُعرض على المشاهدين في موكب الزهور.

تجمّع سكان الضاحية في أجمل ملابسهم على جانبي الطريق الرئيسي بقلب الضاحية, وصدحت الموسيقى وبدأ مرور الموكب, وكان التصفيق هو مقياس الإعجاب بالزهور التي تمر أمام المشاهدين ولجنة التحكيم.

وشهق الناس وعلا تصفيقهم عندما مرّ أمامهم حوض مياه يتحرك على عجلات وعلى صفحة مياهه تطفو زهور ليلك الماء المبهجة وأوراقها الكبيرة النديّة.

أما الزنابق الحمراء فلاقت استحسانا كبيراً وتصفيقاً حارّاً استمر خمس دقائق.

صمت المشاهدون لحظات قصيرة عندما مرت أمامهم عربة زهرة الآلام ثم انطلقوا يصفّقون بتأثر للزهرة المنقلبة أوراقها كاشفة عن قلبها ذي المياسم والطلع الأصفر.

بهرت زهور (دوار الشمس) أنظار المشاهدين وهتفوا متعجبين من التفاتها الدائم نحو قرص الشمس في الأعالي وصفقوا لها خمس دقائق أيضاً.

أشاعت زهور البنفسج ارتياحاً عبّر عنه المتفرّجون بتنهدات حنون ولم يحرموها هي أيضاً من التصفيق.

مرّت عربات الورد, ومن بعدها الياسمين, وزهور قوس قزح, ولاقت كلها تصفيقاً كثيراً, لكن مشهدا مفاجئاَ بعد انتهاء العرض جمّد المشاهدين في أماكنهم وألهب أكفّهم بالتصفيق.

من بين الحشود خرج شاب جميل ذو جسم رياضي يحمل أمه العجوز على كتفيه, وراح يعبر بها نهر الطريق الذي خلا من عربات الزهور, وفهم الناس أنه كان يحملها لترى موكب الزهور وأنه يعيدها إلى البيت بعد انتهاء الموكب.

والتهبت أكفّ الناس بالتصفيق فتلفت الشاب بخجل المتواضعين, لكن أمه العجوز على كتفيه لوّحت بالشكر وراحت تقبّل رأس ابنها الذي يحملها.

ولم يكد مشهد الشاب وأمه العجوز يختفي حتى عبرت الطريق أم شابة تحمل ابنيها التوأمين كل طفل على كتف من كتفيها, فاشتعل التصفيق مصحوباً بالتهليل الذي لفت انتباه الطفلتين, فأخذتا تتلفتان بجمال ودهشة.

أخذ الناس يتحدثون بحماس ومرح عن أن الشاب الذي يحمل أمه, والأم التي تحمل طفلتيها هما من أجمل الزهور, لكنهما زهور إنسانية, وتجمع كثيرون حول لجنة التحكيم تطالب أعضاء اللجنة بإدراج الشاب والأم الشابة في مسابقة أجمل الزهور.

ابتسم أعضاء اللجنة للفكرة, ودخلوا مقر بلدية الضاحية للتشاور لاختيار أجمل الزهور, لكنهم خرجوا من الاجتماع باختيار جماعي أدهش الجميع.

حزّروا ماذا كان اختيار اللجنة, وفكروا, وقرروا, ثم اعكسوا اتجاه الصفحة لتعرفوا نتيجة اختيار أجمل الزهور!

 


 

محمد المخزنجي