الزرافة والأسد

الزرافة والأسد

كانت (زيلدا) الزرافة الوحيدة في حديقة الحيوان, وكانت جميلة ورقيقة, بعد ظهر أحد الأيام, استلقت لتنام قليلاً, أغلقت عينيهخا, وفجأة سمعت زئيراً.

وعلى الفور, فتحت عينيها في اشمئزاز, الأسد (ليو) يزأر ثانية, وتذرعت بالصبر حتى ينتهي الأسد من زئيره, لكن (ليو) يحب الضجة وتهتز الحديقة كلها لصوته.

كانت (زيلدا) متعبة جداً, لكن الضجة لم تدعها تنام.

نهضت, ومدت رقبتها الطويلة, التي تضع حولها وشاحاً أخضر اللون (كان هذا الوشاح هدية من سيدة طيبة بسبب إعجابها بذكاء زيلدا) وبرقبتها الطويلة استطاعت أن تطل على قفص الأسد.

قالت: اسمع أيها الأسد, هل يجب أن تصنع كل هذه الضجة!

أريد أن أنام.

هزّ الأسد فروته, وزأر قائلاً: آسف... لكني أحب الزئير... والصوت يخرج مني رغماً عني.

في ذلك الوقت, جاء (جون) حارس الحديقة ليقدم للزرافة طعام الغداء, ولأنها زرافة ذكية, فقد كانت تعرف الكلام.

قالت: يا سيد جون.. لا أستطيع النوم... أحب أن أنام قليلاً في القيلولة, لكن ذلك الأسد.

قال لها الحارس اللطيف: أفهمك تماماً, سأخرجك من القفص, وتستطيعين الذهاب والنوم تحت شجرة الصفصاف هناك على الطريق, لكن عليك أن تعودي إلى القفص في الساعة الثالثة تماماً.

قالت الزرافة: لكني لا أملك ساعة يا سيد جون!

قال: إذن لن تذهبي.

تنهدت وفكرت, لابد أن أستريح قليلاً حفاظاً على جمالي, كل مرة أنام فيها تطول رقبتي وتصبح أجمل.

قالت: سأسأل أيّ عابر سبيل عن الساعة, وسأعود في الثالثة تماماً.

فتح الحارس باب القفص, ومشت (زيلدا) بأرجلها الطويلة نحو شجرة الصفصاف التي تطل على الشارع, واستلقت تحتها.

بعض الأطفال العابرين حملقوا فيها, لكنها كانت متعبة فلم تلق بالاً لهم.

وأغلقت عينيها, ولكن قبل أن تبدأ أحلامها, بدأت الضجة ثانية, فقد زأر الأسد.

قالت: يا إلهي ماذا أفعل حتى أحصل على بعض الهدوء والسلام في هذه الحديقة!

وانتشر زئير الأسد في كل الحديقة, وهزّ الصوت أفرع الشجرة, وتساقطت بعض الأوراق الجافة فوق زيلدا.

فكرت, ثم نهضت ورفعت رقبتها في كبرياء, وتخطت السور إلى الشارع, توقفت حتى أصبحت الإشارة خضراء, وعبرت الطريق إلى الناحية الأخرى. وتعجبت لماذا ينظر كل الناس نحوها.

دخلت (زيلدا) إلى صيدلية, وقالت للبائع: كيس قطن من فضلك... أريده من الحجم الكبير.. القطن الذي يشبه الزغب.

قال البائع: لكن ليس معك نقود.

قالت: سأعطيك وشاحي الأخضر هذا.

فكر الرجل قليلا, ثم قال: سأعطيك كيس القطن هدية لأنك أول زرافة تأتي لتشتري من الصيدلية.

حاولت أن تعطيه الوشاح, لكنه رفض.

وبينما يناولها كيس القطن, نظرت إلى ساعة معصمه, كانت تقترب من الثالثة, شكرت الرجل, واندفعت نحو قفصها في حديقة الحيوان لتحافظ على وعدها للسيد جون.

حين وصلت القفص, جاء الحارس وأقفل الباب عليها, كان الأسد مازال يزأر. وبهدوء, فتحت (زيلدا) كيس القطن, وأخذت قطعتين من القطن الأبيض الناعم, ووضعتهما في أذنيها. لم تعد تسمع صوت الزئير. تطلعت إلى الحارس قائلة: من الآن فصاعداً سأستطيع النوم قليلاً بعد الظهر.

بعد لحظات, كانت نائمة تحلم أحلاماً سعيدة.

 


 

أحمد عمر شاهين