سر (دراكيولا) حقيقة أسطورة الرعب

سر (دراكيولا) حقيقة أسطورة الرعب

دراكيولا له العديد من الأسماء المرعبة:

ملك الظلام, لأنه ينام طوال النهار ولا يستيقظ إلا في الليل.

مصاص الدماء, فهو لا يأكل ولا يشرب وإنما يعيش فقط على مص دماء الآخرين.

الميت الحي, لأن عمره متواصل منذ أعوام طويلة, ينام في تابوته ثم يستيقظ عندما يشم رائحة الفريسة.

لقد صنعت حوله عشرات الأفلام, ونشرت آلاف الكتب, وترجمت أول رواية كتبت عنه من تأليف (بريام ستوكر) إلى جميع لغات العالم, وبعد أن كانت أفلامه ممنوعة على الأطفال, أصبحت التلفزيونات التي تدخل كل البيوت تقدم مسلسلات عنه وعن بقية مصاصي الدماء, مثل المسلسل الذي تقدمه الآن بعض محطات التلفزيونات العربية تحت عنوان (بافي) وتقوم ببطولته بطلة صغيرة السن هي سارة ميشيل جيللير ويعرض في الفترة التي يجلس فيها الأطفال حول التلفزيون, ويحكي المسلسل عن تلاميذ إحدى المدارس الثانوية العليا في أمريكا يهددهم مصاصو الدماء, لولا شجاعة الفتاة الصغيرة (بافي) ومقاومتها الباسلة التي تحارب قوى الشر وتنتصر عليهم في كل حلقة من حلقات المسلسل, وإذا استبعدنا صورة مصاصي الدماء سوف نجد فيهم ذلك الصراع الخالص والأبدي بين الخير والشر.

الحقيقة والأسطورة

أتعرفون لماذا لم يعد الأطفال يخافون من هذه الأفلام?

لأن العديد منهم أصبحوا يعرفون الآن أن دراكيولا المخيف هذا ليس أكثر من مجرد أسطورة, صنعته أفلام السينما, وأنه في الحقيقة لا يوجد شيء اسمه دراكيولا ولا شيء اسمه مصاصو الدماء, وكل الأشياء التي تظهر في الليل هي نفسها الأشياء التي توجد في النهار بلا أي تغيير.

هل كنت تعرف ذلك?

إذا لم تكن تعرف فقد حان الوقت لأن تعرف كل شيء, وأنت تشاهد هذه الأفلام وتضحك مما يحدث, فكل ما تراه هو خيال مؤلف إنجليزي هو بريام ستوكر, لم يقم حتى بزيارة المكان الذي تدور فيه أحداث قصته.

لقد اعتمد المؤلف في هذه الرواية على شخصية أحد الأمراء في مقاطعة ترانسلفانيا في رومانيا وكان اسمه (فاليد تيبس), كان هذا الرجل بطلا شجاعا حارب الأتراك عندما كانوا يريدون غزو بلاده رومانيا. ولكنه بالإضافة إلى ذلك كان قاسي القلب وقتل أعداءه دون رحمة, وقد عرف المؤلف ستوكر حياة هذا الأمير من خلال كتاب قرأه في المكتبة البريطانية, عام 1890. وكان الكتاب قد صدر قبل هذا التاريخ بسبعين عاما, وهو يحكي سيرة هذا الأمير مستخدما اسم الشهرة الذي أطلق عليه (دراكيولا) وهي تعني في اللغة الرومانية (الشر), وقد أضاف عليه من عنده لقب مصاص الدماء متأثرا بالحكايات التي وردت في الكتاب والتي تذكر أن بعض أهالي ترانسلفانيا يتحدثون عن بعض الذئاب التي تظهر في الظلام وتمتص دماء الأغنام.

الكل ما عدا رومانيا

المدهش في الموضوع أن كل العالم كان يعرف الكثير عن دراكيولا من خلال الكتب والأفلام التي صدرت عنه ماعدا أهل رومانيا أنفسهم, فقد ظلت البلد لفترة طويلة مغلقة في ظل الحكم الشيوعي, ولم يكن يسمح للزوار الأجانب بدخولها, ولكن في عام 1961 حدث نوع من الانفتاح وبدأت وفود السياحة الأجنبية في الوصول إلى (بوخارست), وفوجئ أهلها أن جميع السياح الأجانب يسألون عن مكان قلعة دراكيولا, وظلوا طويلا لا يعرفون ماذا يقصد هؤلاء السياح حتى ترك بعضهم نسخا من الرواية وقام الأهالي بترجمتها ليكتشفوا للمرة الأولى أن على أرضهم قلعة لمصاص الدماء لا يعرفونها, بل إن الرواية لم تترجم ولم تطبع في رومانيا إلا عام 1992.

وقد اكتشف أهالي منطقة ترانسلفانيا أن هذه الأسطورة يمكن أن تكون مصدرا لا ينضب للدخل, وبدأ الاهتمام بقلعة الأمير السابق (فاليد) باعتبار أنها أقرب القلاع التي تنطبق عليها صفات قلعة دراكيولا, وقد وضع فيها بعض الأثاث الذي يشبه الفيلم السينمائي وليس الذي يعود إلى الفترة التاريخية التي عاش فيها الأمير, ومع تزايد عدد السياح قام المشرفون على القلعة بإضافة حيل أخرى, فمثلا تم وضع تابوت في أحد أقبية القلعة, وتم تجهيزه بحيث ينفتح بشكل آلي وتخرج منه دمية تشبه دراكيولا وهو يرتدي عباءة سوداء, وقد نجحت الحيلة في أول الأمر, ولكن إحدى السائحات أصابها الرعب مما رأت واعتقدت أن مصاص الدماء يعود فعلا إلى الحياة فأصيبت بهبوط في القلب وأوشكت على الموت, واضطر المسئولون إلى إيقاف هذه الحيلة المؤذية.

عالم الخرافات

وتنتمي رواية دراكيولا - كما كتبها بريام ستوكر - إلى نوع من الأدب الذي كان ينتشر في القرن التاسع عشر المليء بالأشباح ومصّاصي الدماء الذين ينتصر عليهم الخيّرون في النهاية, ورغم أنها رواية خيالية إلا أنها كانت تعبّر في جزء منها عن المجتمع الإنجليزي في عام 1890 أي في الوقت الذي كتب فيه ستوكر قصته, وكانت هناك خيالات كثيرة عن الحياة المتوحشة في شرق أوربا, كما أن نظرية العالم البريطاني تشارلز دارون عن تطور الحياة البشرية كانت تؤثر في كتابات العديد من الكتّاب ومنهم ستوكر.

وقد اختار ستوكر مقاطعة ترانسلفانيا مكانا لروايته, كمكان مليء بالخرافات يقع على بوابة أوربا ناحية الشرق, وتبدأ أحداثها عندما يصل المحاسب الإنجليزي جوناثان هاركر إلى بلدة بورجو باس (وهو مكان حقيقي) بواسطة العربة قاصدا قلعة دراكيولا (وهي مكان غير حقيقي). ويذكر المؤلف في الرواية نفسها أن هذه القلعة لا تظهر على أي خريطة, ولكن السياح الذين تدفقوا على المنطقة حاولوا عبثا العثور على هذه القلعة حتى اضطرت الحكومة إلى بناء فندق يشبه القلعة في عام 1980, ولكن المدهش أن العديد من سكان المقاطعة مازالوا يركبون الجياد ويعيشون على نفس نمط الحياة الذي ورد في الرواية رغم أن ستوكر - كما قلنا من قبل - لم يزر هذه المنطقة أبدا.

وتتواصل أحداث الرواية بعد ذلك عندما يتمكن جوناثان من كشف حقيقة دراكيولا والهرب من قلعته وهو بين الحياة والموت, ويتبعه دراكيولا إلى لندن للانتقام من خطيبته وأصدقائه إلى أن يتمكن الرجال الخيّرون من التغلب عليه.

إن رومانيا الآن تستعد لبناء أكبر مدينة ترفيهية تحمل اسم منتزه دراكيولا, وسوف يحتوي على متنزهات مليئة بالأقبية المرعبة, وفندق مقبض يشبه القلعة المرعبة, وألعاب على شكل التوابيت, كما ستكون هناك سينما تعرض الأفلام التي صوّرت عن دراكيولا وعددها 250 فيلما, ومكتبة تحتوي على الكتب التي كتبت في الموضوع نفسه وعددها 1000 كتاب, وتريد رومانيا من خلال هذا المنتزه الاستفادة من هذه الشخصية بعد أن حوّلتها الصين إلى صناعة كاملة.

هل عرفتم الآن سر دراكيولا? هل أدركتم أنها مجرد أسطورة صنعتها السينما وأنه لا يوجد لها أي ظل من الحقيقة? الآن يمكنكم أن تشاهدوا أي فيلم منها وأنتم تضحكون, وأن تناموا الليل وأن تعرفوا أن مخلوقات النهار هي نفسها مخلوقات الليل.

 


 







قلعة دراكيولا كما تخيلتها السينما, وسط الغابات الموحشة وتحت السماء الملبّدة بالغيوم





النجمة سارة ميشيل جيللير, الفتاة الصغيرة التي تحارب الشر الذي يمثله مصاصو الدماء





يتدفق السياح على قلعة دراكيولا, ويبلغ عددهم 20 ألف سائح كل شهر