مشاهير كتبوا للأطفال

مشاهير كتبوا للأطفال

جبران خليل جبران

ولد الأديب والفنان جبران خليل جبران في بلدة بشري (في الجبال الشمالية للبنان) في العام 1883م.

وفي العام 1895 غادر مع عائلته (بدون والده كونه ملتصقا بحانات منطقته) إلى الولايات المتحدة الأمريكية, حيث مكثوا في مدينة بوسطن.

تعرف جبران في بوسطن على حلقات الفنانين وذلك لميوله للكتابة والفن, ومنهم المصور الفوتوغرافي فرد هولاند, الذي عرّفه على مقومات المدرسة الرومانسية في الفن والأدب, مما جعله يفلح في نشر غلافي كتابين صممهما لدار نشر أمريكية في نيويورك في العام 1898 عاد إلى لبنان, ليكمل ثقافته العربية في مدرسة الحكمة في بيروت, لكن وفاة أمه وشقيقه من أبيه وأخته خلال عام واحد, صدمه وألزمه بأن يعود إلى أمريكا وذلك في العام 1902 ليبقى مع أخت متبقية وحيدة.

بدأت ملامح النبوغ الأدبي والفني تبرز في شخصيته ولقيت اهتماما جيدا من مثقفي الجالية العربية في بوسطن فبدأ ينشر في صحفها مقالاته وقصصه القصيرة التي كان يلفها الحزن والغضب على ما هو سائد في ذلك الحين.

في العام 1908 أرسلته على نفقتها صديقة أمريكية, اقتنعت بموهبته, ليدرس الفنون الجميلة في باريس, حيث قضى وقتا صعبا, لكنه تمكن من الدراسة في أكاديمية جوليان لمدة عامين.

حين عاد إلى أمريكا, وجد من اللائق لإمكاناته أن ينتقل إلى نيويورك حيث تعرّف على قاعات العرض المهمة, فبدأ يسطع نجمه كفنان, كما انه بدأ بنشر أدبه بالإنجليزية ليحقق نجاحات متتالية خاصة في مجلة (الفنون السبعة) الأمريكية ومن بعدها مجلة (Dial), حيث مكنته الشهرة من تسهيلات لدى دور النشر, فبدأ ينشر إنتاجاته بالإنجليزية والعربية في كتب ثمينة لقيت رواجا عالميا.

تمكن جبران خليل جبران من نيل حيّز كبير من السمعة العالمية وهو من العرب القلائل الذين وصلوا إلى هذه المرتبة وترجمت آثاره إلى كل لغات العالم.

توفي جبران عام 1931م, وله العديد من كتب النثر والشعر والفكر الإنساني لعل أهمها كتاب (النبي), كما أن له العديد من القصص والروايات منها (الأجنحة المتكسرة) و(المجنون), والعديد من كتب الحكم والأمثولات, نقتطف منها مجموعة جميلة من القصص تليق لذائقة الأطفال.

الناقدون

في عشية أحد الأيام كان المسافر راكباً حصانه وسائراً إلى الساحل, فوصل في طريقه إلى فندق. فترجل وربط حصانه إلى شجرة أمام الباب, لأنه كان واثقاً بالليل وبالناس شأن أقرانه المسافرين إلى السواحل, ثم دخل الفندق مع الداخلين.

وعند انتصاف الليل كان جميع من في الفندق نياماً, فجاء لصّ وسرق حصان المسافر فلم يدرِ به أحد.

وفي الصباح نهض المسافر من نومه, وجاء على الفور إلى حيث ربط حصانه فلم يجده, وبعد أن فتّش عنه جيداً عرف أن لصّا سرقه في تلك الليلة, فتأثر كثيرا على فقد حصانه, ولكنه حزن بالأكثر على أن بين الناس من يغريه الشر فيعمد إلى السرقة.

وعندما عرف رفقاؤه المسافرون بما جرى له تجمعوا حواليه, وبدأوا ينحون عليه باللائمة معنفين إياه.

فقال الأول: (ما أحمقك أيها الرجل! لماذا ربطت حصانك خارج الاصطبل?!).

ثم قال له الثاني: (إنني أستغرب كيف أنك لم تحجل (تقيّد) الحصان عندما ربطته. فما أوفر جهلك?).

فقال الثالث لرفيقيه: (إن السفر إلى البحر على ظهور الخيول غباوة من أساسه).

وقال الرابع: (أما أنا فأعتقد أنه لا يقتني الخيل إلا كل بليد بطيء الخطى).

فدهش المسافر لبلاغتهم وفصاحتهم في الوعظ والإرشاد بعد فوات الأوان. ثم قال لهم وهو يتميز غيظا: (أيها الأصحاب, عندما سرق حصاني جاءتكم الفصاحة عفوا, فأسرعتم الواحد تلو الآخر تعددون هفواتي وزلاتي, ولكن يدهشني كيف أنكم, مع ما أوتيتم من قوة البيان, لم يقل أحد منكم كلمة عمن سرق الحصان!).

التوبة

دخل رجل في ليلة ظلماء إلى حديقة جاره, فسرق أكبر بطيخة وصلت إليها يده وحملها وجاء بها إلى بيته.

وعندما كسرها, وجد أنها عجراء ولم تبلغ بعد نموها, فتحرك ضميره في داخله إذ ذاك, وأوسعه تأنيباً, فندم على أنه سرق البطيخة.

الصحيفة البيضاء

قالت صحيفة ورق بيضاء كالثلج: (قد بُرئت نقية طاهرة وسأظل نقية إلى الأبد. وإنني لأؤثر أن أحرق وأتحول إلى رماد أبيض, على أن آذن للظلمة فتدنو مني وللأقذار فتلامسني).

فسمعت قنينة الحبر قولها وضحكت في قلبها القاتم المظلم ولكنها خافت ولم تدن منها.

وسمعتها الأقلام أيضاً على اختلاف ألوانها ولم تقربها قط.

وهكذا ظلت صحيفة الورق البيضاء كالثلج - نقية طاهرة - ولكن... فارغة.

 


 

نبيل أبوحمد