من مذكراتي

من مذكراتي

المزحة اللطيفة

كان يومي رائعاً جداً, فقد شاركت رفيقاتي ومعلمتنا الحنون في نزهة ممتعة وسط حقل فسيح, قضينا النهار في ألعاب مسلية, وأناشيد, وسط الخضرة الزاهية, والزهور الفواحة, تحتضننا غصون الأشجار, ويهمس لنا الجدول الرقراق بموسيقى شجية. وكان في طرف الحقل فلاح عجوز يعمل بجدّ وحماس, وقد ترك معطفه وحذاءه بجانب شجرة كبيرة.

اقترحت صديقتي (ليلى) أن نمزح مع الفلاح, فنخفي له معطفه, ونختبئ لنعرف وقع المفاجأة عليه, واقترحت (عبير) أن نملأ حذاءه عشبا وترابا, ونرى مفاجأته من بعيد, لكن المعلمة تبسّمت كعادتها وقالت: عندي اقتراح أفضل, نضع في فردتي حذائه قطعا من النقود, ونتأمل مبلغ دهشته وعجبه.

نال الاقتراح موافقتنا وقمنا بالتنفيذ فورا, ثم عدنا إلى لهونا ونحن نتابع النتيجة, اقترب الفلاح من حذائه, وبدأ يدخله في قدمه, ولكن دهشته كانت عظيمة حين سمع رنين النقود, وتلفّت حوله ثم انحنى يجمعها غير مصدّق, وهو يردد: الحمد لك يا رب... لقد كان همّي أن أؤمن طعام عيالي, وها قد أكرمتني ورزقتني, فلك الشكر على ما أنعمت به علي وعلى أولادي.

قالت المعلمة ونحن في طريق العودة: إن في النـــاس من يؤذي الآخرين بمزاحه عن غير قصد, ومزحتنــا كانت لطيفـة وملأت قلب الفلاح بالسعادة. وقلت في نفسي: هذا درس يجب أن أسجله في دفتري لأتذكره على الدوام.

 


 

مرح مروان مراد