أشجار المحميد

أشجار المحميد

يوسف المحميد.. ومغامرات الأشجار

الصديق يوسف المحميد كاتب للأطفال من المملكة العربية السعودية. أنتج الكثير من القصص للكبار, ولكنه اكتشف ذلك السحر الموجود في كتابة القصة للأطفال واستخدام كل ما فيه من خيالات وألوان. لذلك, عمل فترة من الزمن مشرفا على مجلة الجيل الجديد التي كانت تصدر بشكل شهري, ثم تركها ليتفرغ لإصدار العديد من كتب الأطفال, وقد أصدر أخيرا مجموعة من الكتب الجميلة تدور حول موضوع واحد هو الأشجار وأهميتها للحفاظ على البيئة, أطلق عليها اسما عاما هو (مغامرات الأشجار), وقام برسمها وإخراجها سعد السداوي.

قد يبدو العنوان غريبا, أن تقوم الأشجار بأي نوع من المغامرات فهي ثابتة في مكانها. تلقي إلينا بالثمار, وتجدد أوراقها, وتمنح المــأوى للطيور, كل ذلك وهي في المكان نفسه. ولكن عندما تقرأ هذه المجموعة من الحكايات سوف تدرك أن للأشجار مغامراتها حقا وأنها عنصر لا يمكن الاستغناء عنـــه حتى نضمن سلامة العالم من التلوث.

الأشجار عند يوسف المحميد مثل البشر, أشجار طيبة, وأشجار غير طيبة. ليست شريرة ولكنها تتصرف بطيش أحيانا, والمحميد مثل كل الذين ينشأون في البلاد الصحراوية يعشق اللون الأخضر عشقا كبيرا ويرى أنه الوسيلة الرئيسية لاستمرار الحياة, من هنا كان اختياره لهذا الرمز (الشجرة) ليدل على مواصلة الحياة.

ولنتأمل مع يوسف أحوال الشجر المختلفة, ماذا يحدث عندما تكون الأشجار قصيرة النظر ولا ترى المستقبل?

في قصة (الفأس المجنونة) نرى جوابا عن هذا السؤال, فالصياد يبحث عن عصا لفأسه. وهو يطلب من الأشجار الكبيرة أن تعطيه غصنا وتتشاور الأشجار فيما بينها وترشده إلى شجرة صغيرة في آخر الحقل. وتحزن الشجرة الصغيرة لأن بقبية الأشجار قد تخلت عنها. ويصنع منها الصياد عصا لفأسه. وتصبح الفأس مجنونة قادرة على قطع كل الأشجار الكبيرة.

ولكن ليس كل أغصان الشجر تتحول إلى عصي للفئوس. ففي قصة (الغصن والفلاح) يقوم الفلاح بأخذ الغصن من حضن أمه ولكنه يقوم بزرعه في مكان آخر حتى تنبت شجرة جديدة يجلس تحتها الفلاح وأسرته وهذا هو سر تواصل الحياة.

والأشجار مفيدة ولو كانت عجوزة. ففي قصة (العصا والذئاب) يأخذ الراعي غصنا من الشجرة العجوز البائسة ويحوله إلى عصا يرعى بها الأغنام ويطارد بها الذئاب. وتشعر الشجرة بأنها مفيدة وتؤدي مهمة في حياة الآخرين.

ورغم أن الشجر يبقى دائما في مكانه ويعاني الملل إلا أن فصول السنة تغير هيئته في كل فصل, في الخريف تتساقط الأوراق. وفي الربيع تكسوه أوراق جديدة, وفي الشتاء تثمر العديد من الثمار مثلما فعلت شجرة البرتقال في حكاية (الشجرة الملولة).

وطبعا, فإن أشهر شجرة في الصحراء هي النخلة, وقد كتب عنها يوسـف قصة جميلــــة بعنوان (النخلــة والأثلة). فالجميــع يستفيدون من ثمار النخل حلو المذاق. لذلك تشعر شجرة الأثلة بالخجل من نفسها لأنها لا تفيد أحدا, ولكنها تعرف بالتدريج أن الناس يستفيدون من الجلوس في ظلها. وأنهم يبنون سقوف بيوتهم من أغصانها القوية, كما أن العصافير تأكل من ثمار النخلة مرة في السنة ولكنها تبني أعشاشها على أغصان الأثلة طوال السنة.

أرأيتم كيف تقوم الأشجار بمغامراتها? أرأيتم ذلك الحب الفياض الذي يكنه صديقنا يوسف لكل ما خلقه الله وخاصة الأشجار التي تعتبر أكبر معجزات الخلق على الأرض. إنها حقا رحلة جميلة مع كاتب موهوب.

 


 

محمد المنسي قنديل