بيتنا الأرض.. محمد المخزنجي

بيتنا الأرض.. محمد المخزنجي

في يوم البيئة العالمي
(الخامس من يونيو)

رسالة ولد أزرق من الأرض الصفراء

السلام عليكم ..

إسمي سليمان أندادو. وعمري أربعة عشر عاما . أنا من قبائل الصحراء الإفريقية الكبرى التي يشتهر رجالها بوضع لثام على الوجه لايُظهر غير العينين ونشتهر باسم «الطوارق». ولأننا نرتدي عادة جلاليب زرقاء فضفاضة يسموننا «الرجال الزرق» . لكننا نتسمّى بلغتنا: «تماشق» أو «تمازغ» وهي تعني : الرجال الأحرار.

الحرية هي أكثر مانحرص عليه لهذا نعشق الحياة في الصحراء . ففي الصحراء الواسعة ليس هناك من يتحكم فينا . وعندما كان هناك استعمار فرنسي في بلدان الشمال الإفريقي وساحل إفريقيا المطل على المحيط الأطلسي لم يستطع المستعمرون إخضاعنا . قاومناهم وقاومتهم معنا الصحراء بكثبانها المتحركة وعواصفها التي تحول ذرات الرمال إلى سهام جارحة لم يتحملها الغزاة الأوربيون . لكننا نتحملها بفضل الألثمة وبفضل اعتيادنا على الحياة في رحابها.

الصحراء ليست أرضا ميتة كما يظن كثيرون فهي حية وقادرة على منحنا الحياة . حياة شاقة نعم لكنها كافية ويهون شقاؤها مع مانتمتع به من حرية واستمتاع بصفاء الليل وسطوع النهار . نعتمد على الجمال والتمر في حياتنا ونتنقل بحرية في الصحراء الفسيحة لنرعى إبلنا والماعز ونبادل منتجات الألبان واللحوم ببعض مانحتاجه ولا يتوافر في الصحراء مثل الشاي والسكر .

نسعى في النهار ونسهر في الليل مستمتعين بألق النجوم في السماء الصافية ثم نأوي راضين في خيامنا المصنوعة من جلود الماعز المشدودة والمرفوعة على أوتاد من جذوع النخيل .

كثيرا مانقيم في الليل حفلات سمر تبهجنا . يغني فيها الرجال والنساء على عزف أوتار » الزركة » التي تشبه الربابة .

لنا لغة جميلة تسمى «التيفنار» أو «تماشك». نتحدث بها ونكتبها من اليمين لليسار ومن أعلى لأسفل أو العكس . وهي لغة حرة مثل حرية حياتنا الصحراوية. وتقوم النساء على الأغلب بتعليمها لنا ونحن صغار.

إنني أتعجل اليوم الذي أبلغ فيه الثامنة عشر لأرتدي اللثام والجلباب الأزرق لأصير رجلا أزرق ناضجا يجوب الصحراء على الإبل الفارهة التي نسميها «نجيب».

أنا الآن ألازم المكان الذي نخيِّم فيه لأحرس النساء والأطفال حتى يعود الرجال من جولاتهم في الصحراء . ولأنني لا أضع لثاما فإنني مثل كل الصغار .. يحلقون رؤسنا تماما إلا من عرف في مقدمة الرأس وهذه الحلاقة تمنع تراكم الرمال في شعورنا .

سمعت أن العالم سيحتفل يوم الخامس من يونيو بيوم البيئة العالمي تحت شعار تبنته منظمة الأمم المتحدة هذا العام هو » لاتهجروا الأراضي القاحلة » . ونحن لسنا في حاجة لمثل هذا الشعار لأننا مؤمنين أن الصحراء ليست قاحلة بل هي أرض طيبة صالحة للحياة .

حياة شاقة ربما لكنها فسيحة وتمنحنا الحرية التي يحبها الرجال الزرق.

وكل سنة وأنتم طيبون. والصحراء طيبة.

 


 

محمد المخزنجي