أبنائي الأعزاء.. د. سليمان العسكري

أبنائي الأعزاء.. د. سليمان العسكري

في الحكايات القديمة، كانت الساحرة تجلس أمام كرة من البللور لتمارس ألعابها السحرية، هذه الكرة قد تغيرت الآن، على الرغم من أنها لم تفقد شيئًا من سحرها، أصبحت كرة من الجلد، ولم تعد ملكًا للساحرة ولكن تتداولها أقدام اللاعبين في ملاعب كرة القدم، إنها الساحرة المستديرة التي تأسر قلوب الملايين، وفي هذا الشهر وبالتحديد في اليوم التاسع منه تنطلق في مدينة ميونخ الألمانية واحدة من أكبر المسابقات الرياضية التي يعيشها العالم معا في لحظة واحدة، وهي لحظات نادرة لبطولة عمرها 64 مباراة، يتنافس فيها اللاعبون من 32 دولة فقط ، ولكن تتابعهم عيون المشاهدين في أكثر من مائتين وعشر دول، وهم في هذه المنافسة لا يحتاجون من الأسلحة إلا إلى هذه الكرة الصغيرة.

ويخبرنا التاريخ أن بلاد الإغريق قديما، التي هي بلاد اليونان حاليًا، كانت دولاً منقسمة لا تكف عن التحارب، بعضها ضد البعض الآخر، ولم تكن هذه الحروب تترك خلفها إلا الكثير من الضحايا والمزيد من الأحزان، وفكر الجميع في تحويل هذا الصراع من ميادين القتال، إلى مضمار الألعاب، فأقاموا دورة تتنافس فيها كل المدن الإغريقية، وأن تتوقف كل أنواع الحروب خلال فترة الألعاب، وكانت جائزة الفوز بسيطة، مجرد إكليل (تاج) من أوراق شجر الغار يوضع على رأس المنتصر، ولكن الهدف منها كان أكثر عمقًا ونبلاً، لقد تآخى الإغريق وحولوا طاقة العنف الموجودة في داخلهم إلى طاقة من التسامي الرياضي، وحل السلام بدلاً من الحروب، وهو الشيء نفسه الذي نتمنى أن يسود في كأس العالم الحالي، ادعوا معي أن نستمتع جميعًا بهذا الشهر وأن يمر علينا دون ضحايا أو أحزان.

 


 

سليمان العسكري

 




صورة الغلاف