من دفتر الرحلات

من دفتر الرحلات

ويني ذابو
الدب اللطيف الذي أصبح بطلاً لأشهر قصص الأطفال

شعرت بسعادة حقيقية حين أخبرني مضيفي الإنجليزي ونحن في طريقنا إلى صالة عرض (دولويش) في العاصمة (لندن), أنني سأتعرف عن قرب إلى أعمال الرسام الإنجليزي (ايرنست هوارد شيبرد).

كنت أعرف سابقاً أن الفنان شيبرد قد ولد عام 1789, وتخرج من الأكاديمية الملكية, التي منحته عديدا من جوائزها عن أعماله الفنية, ثم عمل في معهد (بانش) حوالي خمسين عاما, قضى ثلاثة وثلاثين منها عضوا في هيئة التدريس. وخلال الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) عمل كرسام حرب غير رسمي, كما أصبح ضابطاً في الحرس الوطني خلال الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) وشارك فيها لمدة ثلاث سنوات, نفذ أثناءها أعمالا ولوحات فنية كثيرة, صوّر فيها مشاهد من الحرب, وحياة المقاتلين, وقد نالت واحدة من لوحاته اسمها: (أسرع) شهرة واسعة.

بعد عودته إلى لندن بدأ (شيبرد) مرحلة جديدة من حياته, خصصها لرسم شخصيات الروايات والقصص وبالخاصة نصوص المؤلفين: (أ. ميلن) و(كينيث غراهام) وذاع صيته حين رسم قصص الدب (ويني ذابو) التي منح فيها الحياة للدب ذي العقل الصغير وأصدقائه, والذي أصبح فيما بعد شهيراً وحبوباً لدى أطفال العالم حين حولت مؤسسة (ديزني) حكاياتهم إلى مسلسلات مصورة.

طفت ومرافقي في أرجاء الصالة الفنية, أتابع بدهشة مجموعة من 140 لوحة من أعمال الفنان (شيبرد): لوحات زيتية للملوك ورجال البلاط, الملائكة والحوريات, ولوحات أخرى فيها مشاهد طريفة: حمار زلت قدمه فتخبط في الماء, ودب يراقبه بارتباك, وهناك خلد يتعثر في خطواته وسط الثلج وقد أقبل الظلام, ولكن من أين خطرت للفنان فكرة الدب (ويني ذابو)? سألت مرافقي فأجاب:

كان للفنان ولد يدعى (غراهام) وقد أهدته أمه, في احتفال مولده الثالث, دباً مصنوعاً من الفرو, أطلق عليه اسم (بو) وصارت هذه الدمية اللطيفة مصد إلهام للرسام, اتخذها نموذجاً لبطل قصص الدب (ويني ذابو).

ونحن نقترب من بوابة الصالة الرئيسية في طريقنا للعودة, وقعت نظرتي على الغلاف الجميل الذي رسمه (شيبرد) للقصة الشهيرة (كريستوفر روبن) بعد سنوات عديدة من وفاة ابنه, وفي صورة الغلاف كان صبي بشعر ذهبي ممدداً على تلة خضراء, ومن حوله الدب (بو) وأصدقاؤه, وبدا الصغير لطيفاً وسعيداً, والشمس الساطعة تعانق بأشعتها قسمات الطبيعة الخلابة.

ترك الفنان إيرنست شيبرد آلافا من أعماله المنفذة بألوان الزيت وبقلم الرصاص تركها هدية لجامعة (سوري), وفي عام 1976 ودع الحياة بعد أن زرع ابتسامة بريئة على وجوه أطفال العالم من خلال رسوم الدب ويني, صديق الجميع في كل مكان.

 

 


 

محمد مروان مراد