العالم يتقدم

العالم يتقدم

الروبوت... حارس وإطفائي

أخذ الروبوت العملاق يتحرك ببطء في الممر الطويل, فوق إطاريه المطاطيين, ويوجه عيونه الضخمة إلى كل ما حوله.

وفي الأماكن المظلمة من المبنى كان يستخدم الأشعة تحت الحمراء. وكان يتأكد أثناء سيره من أن كل أبواب الغرف داخل المنشأة مغلقة, كما دخل إلى المخازن ليفحص كل ما بها, ثم أرسل إلى مسئولي الأمن إشارة, بأن كل شيء على ما يرام. إنه ليس روبوتا عاديا, بل هو روبوت حارس.

إذ يتم الاستعانة بروبوتات متطورة, للقيام بوظيفة حراس أمن ورجال إطفاء, في المنشآت التي تحتاج إلى حراسة, خاصة عند خلوّها من العاملين. وعادة توجد حجرة للأمن في المنشآت الكبيرة, تكون مزوّدة بنظم الدوائر التلفازية المغلقة والكاميرات التي تراقب الأماكن المهمة مثل المخازن, وكذلك مداخل ومخارج المبنى.

وتقوم الروبوتات الحارسة بجولات داخل الممرات وغرف المباني, وإبلاغ المسئولين بتوفر الأمن أو بوجود أي أمر غريب, وتزوّد هذه الروبوتات بما يشبه البنادق التي تُطلق رصاصاً مخدّراً, في اتجاه الشخص الذي لا يعرف كلمة السر أو لا يستطيع إثبات شخصيته للروبوت الحارس. كما يكون لدى هذا الروبوت, منظومة للإبصار الآلي وإمكانات للإنذار الصوتي والاستشعار عن بعد وجهاز إحساس. كما يمكن أن تضاف إلى معدّاته أدوات إطفاء للحريق, بحيث يتمكن من إخماد النيران - عند حدوثها - وإنقاذ العاملين, دون أن يتعرض للاختناق والاحتراق أثناء عملية الإنقاذ.

الأشعة الساحرة... تشفي العيون والخلايا

ربما تكون قد شاهدت أشعة الليزر تستخدم كسلاح, في أحد أفلام أو مسلسلات الخيال العلمي, وعلى الرغم من أنه توجد أسلحة بالفعل في الوقت الحاضر, تعمل بأشعة الليزر لتدمير الطائرات والصواريخ الحربية, إلا أنه بالمقابل, تستخدم أشعة الليزر في مجالات سلمية متعددة مثل قياس المسافات ومراقبة التلوث واللحام والطباعة وتخزين المعلومات والطب, ولهذا يُطلق عليها (الأشعة الساحرة).

وتتميز أشعة الليزر بأنها ذات اتجاه واحد ثابت وأنها متماسكة وذات لون واحد نقي. ومن أحدث استخدامات أشعة الليزر استخدامها في الجراحة, إذ يتم استعمال (المبضع الليزري) في العمليات الجراحية, ويتكوّن المبضع الليزري من جهاز لتوليد أشعة الليزر, ذات الطاقة المنخفضة. ويتم تجميعها وتركيزها بواسطة عدسة خاصة مثبتة في مقدمة المبضع الليزري المستخدم في إجراء العمليات الجراحية.

ويستطيع المبضع الليزري, أن يفتح الجرح في جزء من الثانية ثم يغلقه دون ألم, وكذلك يمنع تدفق الدماء إلى الخارج. ويمكن لأشعة الليزر أن تكون رفيعة جداً, حتى أنها تتمكن من ثقب خلية دم حمراء, ويبلغ عرض هذا الثقب أصغر بنحو مائة وستين مرة من الشعرة الآدمية! كما يمكن لأشعة الليزر أن تدمّر ورماً بالعين, وتبلغ دقتها حداً كبيراً, حتى أنها لا تصيب أي خلية مجاورة للورم المطلوب إزالته.

برنامج كمبيوتر... لاكتشاف أدوية جديدة

هل تتصور أن أي دواء, قبل أن يستخدمه المرضى, يخضع لعدة آلاف من التجارب حتى تثبت فائدته, وأنه لا يسبب أي أضرار جانبيه? لاشك أن هذه التجارب العديدة تكلف شركات الأدوية مبالغ باهظة ووقتا طويلا. لكن في المستقبل القريب, ربما ينفتح أمام الأدوية الجديدة, طريق أسرع إلى الأسواق, إذ من الممكن تحقيق خفض عدد التجارب لدرجة كبيرة, باستخدام برنامج كمبيوتر, أطلق عليه (باراجون).

فقد استخدمت كمبيوترات حديثة مجموعة من البرامج المتطورة, تستفيد من العلاقة بين الخصائص الكيميائية للدواء الجديد ونشاطه الحيوي داخل الجسم. والخطوة الأولى هي اختيار (النشاط الحيوي) الذي يجب أن يتوافر في الدواء الجديد.

فإذا رغب الأطباء - على سبيل المثال - في التقليل من درجة الالتهاب في جسم أحد المرضى, فعليهم اختيار (مضاد للالتهاب), ثم يتم تشغيل برنامج الكمبيوتر (باراجون), لكي يبحث - خلال مقدار هائل من قواعد البيانات الصيدلية - عن الأدوية الجديدة التي لها خصائص كيميائية مناسبة. وبعد ذلك, يستخدم برنامج الكمبيوتر قائمة الأدوية الجديدة المرشحة, لمعرفة الخواص التي يكون لها أكبر التأثيرات الفعالة على النشاط الحيوي, وبعد أن (يتسلح) البرنامج بهذه المعلومات القيّمة, فإنه ينشئ قائمة صغيرة بأسماء الأدوية الجديدة المرشحة, لمزيد من البحث والتحري عنها, ويتميز برنامج الكمبيوتر (باراجون) بأنه يستخرج القائمة المحدودة النهائية, من وسط كم هائل من الأدوية الجديدة المرشحة, ومن ثم يقلل إلى حد كبير من التكلفة والوقت اللازم لوصول الدواء إلى السوق, بعد التأكد من صلاحيته.

بنك السموم... لعلاج لدغات الأفاعي

ضغطة بسيطة واحدة خلف الفكين, ثم تنساب قطرة سم لزجة متلألئة من أنياب هذه الأفعى, وتسقط في أنبوب موضوع في المكان الصحيح, ويستخدم الخبراء هذا السم للتوصل إلى الترياق الواقي من لدغات الأفاعي.

ويمكن للدغة الأفعى أن تتلف الأوعية الدموية للإنسان وتمنع تجلط الدم, وخلال بضع ساعات يتسبب ذلك, في النزيف الداخلي وإصابة الكليتين, وربما ينتج عن هذا الوفاة, أو حدوث موت للأنسجة الحيّة لأطراف الجسم, ومن ثم يلزم بترها.

وتعد الضغطة البسيطة على فكيّ الأفعى, الخطوة الأولى في عملية إنتاج ترياق ضد سموم الأفاعي. ويتم شهريا استخلاص السم من نحو خمسين ألف أفعى تُربى داخل مختبرات خاصة. وترسل السموم بعد ذلك إلى مزرعة خيول, وهناك تحقن الخيول بجرعات محسوبة بدقة من هذا السم - لكي لا تموت - لكنها تكفي لكي تولد هذه الحيوانات مقاومة طبيعية لها. وبمجرد ظهور الأجسام المضادة للسم, في الأوعية الدموية للخيول, يتم استخلاصها لإنتاج ترياق ضد هذا السم, يحقن به من يصاب بلدغة أفعى. والمعروف أن سم الأفاعي, عبارة عن خليط مركّب من البروتينات والأنزيمات وبعضها - مثل السموم المدمّرة للأعصاب - يحطم الجهاز العصبي للإنسان. والبعض الآخر - مثل سموم الدم - يفسد الدماء. وفي أيّ من الحالتين, يكون المصاب في خطر شديد, ما لم يحصل على الترياق.

 


 

رءوف وصفي