عندما تحولت ياسمين إلى كرة!

عندما تحولت ياسمين إلى كرة!
        

رسم: عفراء اليوسف

          ياسمين لا تحب اللعب مع أصدقائها.

          كما أنها لا تحرك قدمًا من أجل مساعدة أمها، ولا ترغب بالخروج من البيت مع العائلة.

          لماذا يا ترى لا تحب ياسمين كل ذلك؟

          لأنها تفكر بأن عملاً مثل هذه الأعمال سيتعبها وهي لا تحب أن تتعب.

          كل ما تحبه ياسمين هو الأكل.. الأكل بشراهة.

          تقول الأم لياسمين:

          - أنت تأكلين كثيرًا، هل تخشين هروب الطعام؟

          فترد ياسمين:

          - أنا جائعة يا ماما، أريد المزيد من الطعام.

          فتأكل كثيرًا.. كثيرًا.. دون أن تشبع.

          ولكن عندما تطلب منها أمها أن تساعدها في ترتيب الطاولة أو غسل الأطباق، تجيب ياسمين:

          - آه يا ماما، أنا متعبة.. أريد أن أنام.

          تلعبين يا ياسمين؟ يسألها أصدقاؤها.. كلا أنا متعبة؟ تجيب.. نتنزه في الحديقة.. كلا أنا متعبة.. نركض قليلاً.. كلا أنا متعبة.. هل تأكلين يا ياسمين؟.. نعم، نعم، أنا جوعانة!

          كانت ياسمين تزداد وزنًا، حتى أصبحت شبيهة ببطيخة عملاقة، وهي لا تهتم بنصائح أبيها وأمها أوأصدقائها في المدرسة. ما يهمها هو الأكل وفي كل الأوقات.

          ذات يوم، أكلت ياسمين كثيرًا كعادتها، ومضت لتنام فورًا.

          ما إن دخلت غرفتها وتمددت في فراشها وأغمضت عينيها.. حتى سطع ضوء لامع و.. ووجدت نفسها في ملعب كرة قدم.

          جمهور كبير، صياح عال، وأصدقاؤها في المدرسة هم الذين يلعبون الكرة وسط الساحة.

          صفر الحكم: هيا لنبدأ اللعب.

          قال أحد اللاعبين:

          - ولكن أين الكرة، لقد اختفت الكرة؟

          التفت الجميع ليبحث عن الكرة، واتجهوا جميعًا إلى ياسمين.

          حملوا ياسمين ووضعوها في وسط الساحة تمامًا وقالوا للحكم:

          - لقد عثرنا على الكرة. وجدناها مختبئة في الظل.

          وهنا انتبهت ياسمين وصرخت بهم:

          - أنا لست كرة، أنا ياسمين صديقتكم، هل نسيتمونني؟

          ضحك اللاعبون، ولم يسمعوا لها.

          ضربوا الكرة عاليًا، فطارت ياسمين وهي لاتزال تصرخ:

          - لا تضربوني،أنا لست كرة، أنا ياسمين!

          وبقيت تتناقلها الأقدام من هدف لآخر.

          اتسخت ثيابها، وبدأت تلهث من التعب، ولم يعد صراخها يفيد. إذ لا أحد من أصدقائها يقتنع بأنها هي ياسمين، وليست كرة.

          تركض من جهة إلى جهة أخرى، ومن قدم لأخرى. فجأة يصفّر الحكم:

          - ضربة جزاء.. بنالتي!

          تستريح ياسمين قليلاً، تمسح وجهها المتسخ وتتنفس قليلاً.. ولكنْ.. من الذي يتقدم ليركل الكرة!

          آه.. إنه سمير ذو القدم القاسية.

          تحاول ياسمين الهرب، ولكن سمير يمسكها بقوة ويضعها أمامه.

          تصرخ ياسمين.. لا.. لا.. لا تركلني يا سمير.. أنا.. أنا ياسمين.. ولكن سمير يتقدم منها وهو يبتسم ويوجه قدمه اليمنى باتجاهها فتطير بعيدًا.

          تصيح من الألم.. تتمزق الشباك وتطير.. تطير وتصرخ.. تصرخ لا، أنا ياسمين.. لست كرة.. كلا أنا ياسمين.. ياسمينة.

          - استيقظي يا ياسمين.. استيقظي؟

          - انا ياسمين.. لست كرة.

          وتحتضن الأم ياسمين وهي تقول:

          - ماذا جرى لك، لقد كنت تحلمين بصوت عال؟

          تفتح ياسمين عينيها وتجد نفسها مع أمها:

          - ماما، كنت كالكرة، وأصدقائي يركلونني بأقدامهم.

          هدأتها أمها، وأخبرتها أنها كانت تحلم لا غير.

          كانت ياسمين ترتجف وهي تحكي لأمها كيف ركلها سمير بقدمه عاليًا.. عاليًا.

          ابتسمت الأم وأخبرت ابنتها:

          - لو كنت تحبين الرياضة، وتأكلين القليل، لما فكر أصدقاؤك أن يلعبوا بك مثل الكرة.

          هزت ياسمين رأسها،  اعتذرت من أمها.. وقالت لها:

          - لن أكون مثل الكرة بعد اليوم ولن أدعهم يركلونني بأقدامهم!

          في صباح اليوم نفسه، تفاجأ الجميع بياسمين وهي ترتدي ملابسها الرياضية.

          تقترب منهم وترمي لهم الكرة. ضحك الأصدقاء وسألوها:

          - ماذا جرى لك يا ياسمين، تتركين الأكل من أجل اللعب معنا؟

          قالت لهم:

          - أحسن من أن تلعبوا بي مثل الكرة!

          لم يفهم الأصدقاء كلامها، ولكنهم وافقوا فورًا على أن تلعب معهم.

          فرحت ياسمين كثيرًا لأنها لا تريد أن تتذكر الحلم المرعب.. عندما تحولت إلى كرة تتقاذفها أقدام أصدقائها.. كرة مدورة تطير عاليًا.

 


 

عبدالهادي سعدون