رحلة إلى القمر

رحلة إلى القمر

رسوم: هدى وصفي

بعد غروب الشمس من شهر إبريل، جاء الفتيان بعربتهم إلى البحيرة يسحبها حصان صغير أحمر اللون، ليمتعوا أنفسهم بمنظرها البهيّ كعادتهم في نهاية كل أسبوع، ولمشاهدة الأوز والبجع والبط السابحات بها كأميرات الليل اللواتي يظهرن في وسط البحيرة يسبحن ويلعبن في ضوء القمر.

نظر الفتيان إلى القمر السابح في البحيرة مع النجوم والأوز والبجع والبط لقد أصبح القمر صديقًا لهذه الطيور المائية البرية.

ثم رفع الأطفال نظرهم إلى السماء، فرأوا القمر المنير يبتسم لهم والنجوم حوله، وهتف الفتى عماد:

يا جماعة أريد أن أقف فوق القمر، وأرى صورتي منعكسة في البحيرة.

وقالت زينة: وأنا أريد أن أتجوّل فوق القمر، وأكتشف جباله وسهوله.

وقالت أصالة: وأنا أريد أن أجمع بعض الصخور والتراب منه وأجلبها معي لأقدم بعضًا منها إلى المتحف.

وقالت غصون: آه منكم!! أتريدون الوصول إلى القمر؟! إن القمر بعيد عنًا.

وقالت مناهل: بعيد... أو قريب يجب أن نذهب إليه، لقد سمعنا أن إنسانًا نزل فوقه قبل سنوات...

وقال محبّ: أجل لقد نزل إنسان عليه ووضع علم بلاده فوقه، ثم نزل وجلب معه أحجارًا وترابًا من القمر

وعلّقت ياسمين باسمة: كيف سنذهب إليه، ونحن عندنا عربة يجرّها حصان؟

ضحك الأطفال كلهم من تعليق ياسمين.

إلا أن الفتى نوار قال : يجب علينا أن نفكر في كيف الانطلاق.

وتساءل الفتى هشام: هل أصبح القمر ملكًا لتلك الدولة التي وضعت علمها فوقه...إنه مجرّد تساؤل؟

أصالة: ولكن كيف سنصل إليه...؟

ورفعت بجعة رأسها، كانت قريبة منهم على الشاطئ وقالت: إن أردتم الوصول إلى القمر فنحن البجعات نستطيع أن نساعدكم ونوصلكم إليه.

صاح الفتيان كلهم فرحين: نوافق...نوافق، هيا يا إخوان، سفرة إلى القمر...إنها فرصة العمر...، هيا إلى القمر...إلى القمر.

وفي الحال خرجت من البحيرة عشر بجعات ذات أجنحة طويلة جدا، وربطت حبال العربة بسيقانها بدل الحصان، ثم انطلقت كالسهم نحو القمر تسحب عربة الفتيان وراءها.

طارت البجعات وطارت، حلقت عاليًا، ضربت الهواء بأجنحتها الطويلة، واندفعت في الفضاء الواسع.

قال سرب من الخفاش: ما هذا؟! عربة وفتيان وبجعات!! إلى أين!؟

وقالت بومة وهي ماسكة بفأرة واقفة على غصن:

ما هذا سفرة في ليل؟ يبدو أنهم مثلي يخافون ضوء الشمس.

كان الفتيان فرحين يتطلعون إلى القمر المنير والنجوم المحيطة به، إلا أن إشارة سلكية وصلت من القمر إلى العربة بصوت سمعها الفتيان كلهم والبجعات أيضًا سمعتها تقول:

«يا أعزائي الفتيان، إنني أرحب بكم، ولكنكم عبثًا تحاولون، فإن من يرد الوصول إلي فعليه أن ينطلق بمركبة فضائية ».

ياه!! مركبة فضائية يا قمر!! ولماذا؟ قالت ذلك ياسمين ضاحكة.

قال هشام: لأن البجعات لا تستطيع أن تخترق الجاذبية الأرضية.

إلا أن مناهل قالت لتنهي النقاش: حسن يا قمر، في مرة قادمة سنتوجه إليك بمركبة فضائية.

وصفّق الفتيان مسرورين وهم يتطلعون بودّ إلى القمر المنير.

ودارت البجعات بالعربة، وتوجه نحو البحيرة، في وسط البحيرة حيث أميرات الليل.

كان القمر يضحك ويلوّح للفتيان وهو يقول لهم: لا تنسوا المركبة الفضائية، وسوف أقدّم لكم هدايا غريبة..

قالت غصون: يا عيني يا قمر، فأنت قمرنا... وليس لنا قمر غيرك... وسنزورك حتمًا.

 

 


 

زهير رسّام