عالم من الشوكولاتة

عالم من الشوكولاتة

أنا صديقتكم دانا زاكري من أبوظبي سأحكي لكم عن زيارتي لمعرض الولع بالشوكولاتة الذي أقيم في المجمع الثقافي وكيف التقينا هناك زميلاتنا من أسرة تحرير مجلة (العنود). أذكر أنني حين طلبت من والدتي أن تصطحبنا أنا وشقيقتي ريم إلى معرض الشوكولاتة السويسرية في المجمع الثقافي ضحكت وعلقت قائلة: يا دانا أتشكون من قلة الشوكولاتة فأجلب لكم المزيد, ثم أريد أن أعرف لماذا يعرض السويسريون الشوكولاتة في المجمع الثقافي وما العلاقة بين الشوكولاتة وأنشطة المجمع من ثقافة وفن؟!

سررت بهذا التساول لأن علامات الفضول لمعرفة السبب بدت على وجه والدتي وأيقنت أننا سنزور المعرض خاصة أن موعد افتتاحه سيكون في المساء بعد أن ننتهي من حصة الموسيقى التي نتعلمها في مبنى المجمع نفسه وسط العاصمة الإماراتية أبوظبي.

قبل أن نتوجه إلى السيارة في ذلك المساء شدتنا جموع الزائرين إلى المعرض, على أبواب القاعة كانت بعض الفتيات الحسناوات يقدمن للضيوف أنواعا من الشوكولاتة السويسرية اللذيذة, لم يكن طعمها الشهي أو شهرتها سر جذب هذه الأعداد الكبيرة من المثقفين ورجال الدولة والدبلوماسيين, وإنما كان خلف أبواب القاعة التي دخلناها فشاهدنا ما أدهشنا.

الطعم الساحر

الشوكولاتة من أين؟

لقد كانت أمي تحذرنا دوما من الإفراط في تناول الشوكولاتة, لا تحرمنا منها ولكن لا تتركنا نحظى منها بما نريد, كنت أسألها: من الذي اخترع هذا الطعم الساحر يا أمي, فتبتسم وتجيب: إنها من الطبيعة يا دانا يحصلون عليها من بذور شجرة استوائية يطلق عليها اسم الكاكاو وتنمو هذه الشجرة في مناخ دافئ ورطب, والبرازيل من أكبر الدول المنتجة لحبوب الكاكاو, قلت: لذلك يعيشون نشاطا وحيوية دائمين يجعلانهم يفوزون في معظم المباريات الرياضية التي يلعبونها مع أي فريق كان, تضحك أمي لذلك الربط بين الرياضة والكاكاو.

وبسبب شدة ولعنا بالشوكولاتة وخوفها علينا من هذه المادة الغذائية اللذيذة جعلت أمي تهتم بهذا الموضوع وتجني معلومات كثيرة حوله.

يا دانا.. كم هي جميلة شجرة الكاكاو بخضرتها الدائمة وطولها الشامخ الذي يصل إلى اثنى عشر مترا, يغريني الشكل الذي تصوره أمي, فأطلب منها أن تغرس لنا في حديقة المنزل عددا من أشجار الكاكاو لنأكل من ثمارها ما نريد وبذلك نوفر نقودنا, تقهقه أمي وهي تستمع إلى أفكاري وتقول: لا تنسي يا حبيبتي أن هذه الشجرة لا يمكنها العيش إلا في مواطنها الخاصة في أمريكا وإفريقيا, ثم وفري أفكارك الجميلة لأن بذورها لا تؤكل بلا تصنع وتمر بمراحل سحقها ثم إعداد الزبدة أو المعجون منها وهذه الزبدة هي التي تدخل في الحلويات يا صغيرتي.

ممنوع اللمس!

كل هذه المعلومات عرفناها من أمي قبل زيارة المعرض, ندخل من باب القاعة لنتمتع بأشكال تمثل عالما جديدا بالنسبة لنا نحن الصغار وحتى للكبار, تناديني ريم لأرى ساعة مصنوعة من الشوكولاتة البنية والبيضاء والعقارب تدور ضابطة الوقت, وتشدنا أمي إلى مجسم كاكاوي آخر, إنه منزل ريفي إيطالي أمامه بعض الشجيرات وحوله تمتد السهول الخضراء ثم نشاهد مجسما لسمكتين تلتمع حراشفهما, تصرخ ريم: ماما انظري إنه سيقضم رأس السمكة, كان الطفل السويسري قد قرب فمه بالفعل من رأس السمكة ولكن أضواء الكاميرا سرعان ما كشفت أنه مجرد تمثيل ولن يقدم إنسان على تشويه هذه المجسمات الحلوة طعما وشكلا.

ونحن نكمل جولتنا تستوقفنا شاشة تلفزيون تعرض معلومات عن الشوكولاتة, نستمع إلى المذيع يقول: الشوكولاتة هي أحد أشهر المنتجات السويسرية, وتأكيدا لهذه الشهرة يحتفل المجمع الثقافي في أبوظبي بهذه الهدية الإلهية التي يستمتع بها الكثيرون في جميع أنحاء العالم, صغار وكبار يتحلقون حول التلفزيون يتأملون أشكالا أخرى جميلة صنعت من الكاكاو, نتابع البرنامج الذي يقدم معلومات جديدة عن الشوكولاتة فنعرف أنها كانت معروفة بغذاء الآلهة, وأن أول مصنع آلي لإنتاج الشوكولاتة افتتح عام 1819 في كورسير السويسرية لأقدم أنواع الشوكولاتة ولايزال ذلك المصنع منتجا إلى اليوم. تتململ ريم وتشد يد أمي لنتحول من مكاننا ولكن لا تكترث بها وتحثنا لنتعرف على طريقة صناعة الشوكولاتة التي نشاهد بعض مراحلها بدءا من الحصول على بذور الكاكاو ومن ثم تنظيفها وطحنها ناعما للحصول على معجون أو زبدة الكاكاو ومن ثم يتم مزج المعجون بالسكر وقد يضاف الحليب إلى المزيج لإعداد الشوكولاتة التي قد يحشونها بالجوز أو اللوز أو ببعض أنواع الفاكهة وتغلف ثم توضع في صناديق فاخرة يقبل عليها عشاقها في مختلف أنحاء العالم.

لكن البعض لا يشترونها قبل فحص مدى جودتها, وهذا الفحص يقوم به الخبراء الذين يكسرون قطعة الشوكولاتة ليعرفوا من خلال حوافها مدى صفائها ومقاومتها للتفتت, ويشمون رائحتها ويتذوقونها ليعرفوا نكهتها وسرعة ذوبانها.

 

 


 

جمال مشاعل