نجم اسم جميل

نجم اسم جميل

رسوم: نادي

وقف فرج ينظر في ساعته بين الحين والآخر, ابتسم حين دق جرس المدرسة وانطلق التلاميذ خارجين, أشار فرج إلى ركاب سيارته أن يسرعوا, قال أحد التلاميذ ضاحكا: لماذا أنت متعجل اليوم يا عم فرج?

قال فرج بقلق: زوجتي ستضع مولوداً ولا بد أن أكون موجودا.

ضحك التلاميذ ودعوا لفرج بأن يرزقه الله مولودا جميلا, شكرهم فرج وتفحص ركابه فوجد كل تلميذ في مكانه, مسح عرقه وقال لنفسه: يوم شديد الحرارة, جلس وأدار محرك السيارة, نظر خلفه ثانية ليطمئن على ركابه الصغار.

انطلق فرج بالسيارة فقال أحد التلاميذ: يسرع عم فرج بالسيارة اليوم على غير العادة, سمعه فرج فابتسم قائلا: أريد أن أرى المولود الجديد.

لكنه اضطر أن يبطئ من سرعته حينما دخل شارعا مزدحما بالسيارات, أوقف السيارة بعد عدة أمتار, السيارات أمامه متوقفة, مد رأسه من النافذة وسأل أحد المارة: لماذا توقفت السيارات هكذا?

قال الرجل: بسبب السرعة, اصطدمت عدة سيارات ببعضها وسدت الطريق, قال فرج لنفسه بضيق: سيتأخر التلاميذ هكذا وسيقلق الأهالي, أحب أن أرى المولود بسرعة.

خطرت لفرج فكرة فابتسم لنفسه, تراجع بسيارته عدة أمتار فتحرر من الزحام, انحرف إلى أحد الشوارع الجانبية, وقف هشام واقترب من فرج وسأله: أين ستذهب يا عم فرج? هذا ليس طريقنا.

قال فرج بثقة: سأسير في طريق آخر حتى لا نتأخر.

انطلق بسرعة أكبر حتى انتهى الطريق المرصوف, أشار التلاميذ إلى الصحراء الشاسعة التي تجاور المدينة, الرمال تغطي وجه الأرض, والشمس تسلط أشعتها عليها, أحس الجميع بالحرارة الشديدة خاف التلاميذ وتهامسوا, عاد هشام يسأل السائق: هذه الصحراء واسعة وقد نتوه فيها, ما رأيك?

قال فرج بثقة: لا تخف يا هشام أعرف طريقا مختصرا, لن نبقى في الصحراء إلا دقائق معدودة.

قال هشام: هل سرت من هنا قريبا?

قال فرج: لا, ولكني أعرف الطريق جيدا, كنت أسير فيه وأنا صغير.

سار فرج بالسيارة فترة ثم تلفت حوله, اخترقت أشعة الشمس الزجاج واشتدت الحرارة في السيارة أخرج الجميع مناديلهم يمسحون العرق, ارتفعت أصوات تشكو العطش, عاد فرج يكرر لا تقلقوا سنترك الصحراء بعد قليل, سار فرج فترة ثم وضع يديه على رأسه يفكر وقال لنفسه: يبدو أنني سرت في طريق آخر ثم استدار بالسيارة وانطلق مسرعا, لاحظ حين استدار أن بعض التلاميذ خائفون.

اقترب منه هشام قائلا: لا تسرع هكذا قد تنقلب السيارة فالطريق غير مرصوف, قال فرج بضيق: قلت لك: زوجتي ستضع مولودا ولابد أن أكون إلى جوارها.

قطعت السيارة كيلومترات كثيرة, توقف فرج مرة ثانية وقال لنفسه: ليس هذا هو الطريق, صرخ التلاميذ قائلين: تهنا في الصحراء, نريد أن نشرب, الحر شديد, نحن خائفون, نظر فرج حوله, تخير طريقا سار فيه مسرعا, اصطدمت إطارات السيارة بالحصى ارتفعت السيارة وانخفضت, خوف التلاميذ يتزايد, أبطأ فرج بعض الشيء. اقترب منه هشام وأشار للشمس قائلا: أوشكت الشمس على الغروب, ولن نستطيع العودة.

قال فرج بحيرة: بصراحة لا أعرف الطريق الصحيح يا هشام?! الحل أن نتوقف حتى يمر أحد من هنا ونسأله, ارتفع صراخ الجميع طالبين الطعام والماء.

قال فرج لنفسه: أنا جائع مثلكم ولكن ماذا أفعل?!

هبط الظلام سريعا, لم يمر أمامهم أحد, ترك فرج مقعد القيادة واقترب من هشام: أنتم متعلمون حاولوا أن ترشدوني للعودة, قال هشام بدهشة: كيف يا عم فرج? أنت السبب فيما نحن فيه. اشتد الظلام, نزل فرج من السيارة محتارا, سار أمتارا كثيرة إلى الأمام وإلى الخلف ويمينا ويسارا ثم عاد لاهثا يقول: ادخلوا السيارة وأغلقوا الأبواب والنوافذ جيدا, الذئاب تقترب منا, رأى التلاميذ أعدادا كبيرة من الذئاب, تلمع عيونها في الظلام تقترب من السيارة, جلسوا في أماكنهم بلا صوت أو حركة.

نظروا بدهشة ناحية هشام حين ضحك بصوت عال وضرب جبهته بكفه قائلا: ما أغباني!!!!

قال فرج بضيق: هل هذا وقت الضحك يا هشام? نحن تائهون بلا طعام ولا ماء, ولا أدري ماذا حدث لزوجتي ووليدها?

وقف هشام مبتسما وقال: تلمع النجوم في الصحراء أكثر من المدينة وإذا كنا ضيعنا الشمس ولم نهتد بها فلا يجب أن نضيع النجم القطبي, احتار فرج وقال: لا أفهم شيئا.

عاد هشام يقول للتلاميذ: النجم القطبي يشير دائما إلى الشمال, ومدينتنا كما تعلمون شمال الصحراء, ولو سرنا في اتجاه هذا النجم سنصل بسلام لمدينتنا.

أسرع فرج يقود السيارة في اتجاه النجم القطبي, والقلق على الوجوه, ينظرون للأمام مترقبين وبعد عدة كيلومترات لاحت لعيونهم بنايات المدينة وأضواؤها, صفق الجميع فرحين, اقترب هشام من فرج مازحا وقال: أقترح لك اسما تطلقه على مولودك, مد فرج رأسه منتظرا, فقال هشام ضاحكا: نجم اسم جميل لمولودك الجديد.

قال فرج ضاحكا: نجم اسم جميل بالفعل ولن أنساه ما حييت.

 

 


 

المرسي البدوي