مشاهير كتبوا للأطفال

مشاهير كتبوا للأطفال

جان دو لافونتين وثلاث قصص

وُلد جان دو لافونتين في قرية شاتوثييري في منطقة (شامبين) في وسط فرنسا عام 1621, وتعلم القراءة والكتابة على يد أبيه موظف الحكومة.

ذهب في شبابه إلى باريس لتعلم الطب لكنه انسحب منه مأخوذاً بالحياة الاجتماعية المنوعة والعابثة. ومن ثم قرر أن يدرس المحاماة ليصبح قاضياً, فعاد بعدها إلى بلدته عام 1647 لينخرط في سلك الوظيفة الحكومية.

لم يكن سعيداً بزواجه فطلّق وقرر أن يصبح كاتباً وصادق الكاتب الفرنسي المعروف موليير, وفي عام 1658 ترك عائلته وذهب ليقيم في باريس مكرّساً حياته للأدب والكتابة.

مدح الملك لويس الرابع عشر بشعر جميل لينقذ صديقاً له من حكمٍ بالإعدام كان قد قرره الملك سابقاً.

ذهب فترة ليعمل ويعيش في لوكسمبورغ, كما أنه في العام 1683 انتُخب عضوا في الأكاديمية الفرنسية لمساهمته المهمة في الأدب الفرنسي.

استعار قصصاً من الأدب الإيطالي لينقلها إلى الفرنسية.

لكن من أشهر كتبه إطلاقاً (خُرافيات لافونتين) الخاص بالأطفال, حيث اقتبس أكثرها من الكاتب الإغريقي القديم (إيسوب) ومن قصص المشرق كالهندية والفارسية, والتي أكثرها تروي الحكم على ألسنة الحيوانات والتي كان قد ترجم وكتب كثيراً منها الأديب ابن المقفع.

توفي لافونتين عام 1695 في باريس, ومن أشهر أقواله الضاحكة: (المعدة الجائعة لا تملك أذنين للإصغاء).

هاكم ثلاث قصص له كتبها خصيصاً للأطفال

التيسان

كان العنز يحب الذهاب إلى الأماكن الخطرة التي لا يحب أن يصل إليها الآخرون من المخلوقات, كما كان يتحلى بالعناد ومناطحة الصخر ربما ليثبت صلابة رأسه وصوابه.

صدف أن اثنين من التيوس التقيا وجهاً لوجه فوق جسر خشبي صغير شاهق العلو ويجري من تحته نهر غزير المياه جارفها, ولحب المصادمة والتناطح سد كل منهما الطريق على الآخر, وطلب منه الرجوع من حيث أتى, لأنه أولى بالعبور والجسر لابد أنه له... وحده.

وبما أن التيسين سلكا طريق المشاكسة والتخلي عن اللياقة والتعاون اللذين يسمحان لهما بالعبور بسلام وراحة, أخذا يتناطحان رأساً لرأس وقرنين لقرنين بصراع جعل الجسر الصغير والعتيق يتأرجح بتهالكٍ يمنة ويسرى وأعلى وأسفل, ولكون يباس الرأس أبى إلا أن يهيمن انهار الجسر المعلق وانفكت أخشابه وتقطعت أوصاله, فانهار رامياً بالتيسين من علوه إلى لُجة الماء وصخبها, مما أفضى إلى هلاكهما غرقاً... وربما كانا لايزالان يتناطحان وهما يموتان.

أهي نهاية طبيعية للتصلب والأنانية وعدم التعاون??? بكل تأكيد.

حيلة الأسد

تظاهر الأسد يوماً, بأنه قد كُهل وتعب وأن المرض قد بلغ منه شأواً, فلجأ إلى حيلة ادّعى فيها الرحمة والغفران, سائلاً حيوانات الغابة أن يرسل كل نوع منها موفداً ليودعه وليعترف الأسد أمامه بماضيه الشرس, لعل نفسه ترتاح تكفيرا عن أعماله السيئة في عمر قضاه شرّاً وتهتّكاً.

وبالفعل تجاوبت الحيوانات مع المبادرة وأخذت ترسل وفودها الواحد تلو الآخر ملبية رغبة ملك الغابة ومساهمة في ترييح نفسه القلقة... إلا موفد الثعالب فلم يذهب.

ولما سُئلت الثعالب عن السبب أفضت بأنها راقبت الطريق إلى عرين الأسد ووجدت أن آثار أرجل الوفود الذاهبة إليه كانت كلها تأخذ اتجاهاً واحداً, اتجاه الذهاب إليه, ولم يظهر أبداً أي أثر على تراب الطريق, لأرجل عائدة... لذلك استنكفت عن إرسال موفدها مدركة بحنكتها المتأصلة أن ما من موفد ذهب لزيارة الأسد إلا وقد هلك, وأن الثعالب من الآثار تفهم.

الجمال وحده لا يكفي

في أحد الأيام, نظر الوعل إلى انعكاس صورته على صفحة ماء الجدول, فأعجب أيّ إعجاب بشكل قرنيه اللذين يشبهان فروع الأشجار, لكنه حين نظر إلى أرجله, هاله منظرها, فلم يحبّها بتاتاً, مدّعياً أنها كقضبان القصب التي تنمو على حوافي الأنهار:

وهو على هذه الحال, وإذ بزئير نمر يهزّ الأرجاء, استطاع الوعل لمحه عن بعد ما بين الأشجار, فهرع الوعل وركض هارباً وسط الغابة الكثّة, الذي كان يزعجه وهو يعدو, هو قرناه المتفرعان في المدى واللذان كانا يضربان في جذوع الشجر وأغصانها... فيما كانت أرجله سريعة وملبية تطارد الريح, حين نجا بنفسه ومكث يلهث في كهفه, أدرك أنه لولا أرجله السريعة والملبية لكان هلك, لذلك لام نفسه لاحتقاره إياها سابقاً, فيما إعجابه لقرنيه لم يفده شيئاً, إذ إن قرنيه كانا العائق الكبير أثناء هربه, ولو أنهما جميلان.

أقرّ مع نفسه أخيراً بأن الجَمال في أحيان كثيرة لا يكفي.

 


 

نبيل أبو حمد